اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 250
فدع ذا وسلّ الهمّ عنك بجسرة ... ذمول إذا صام النّهار وهجّرا
أي وقفت الشمس عن الانتقال وثبتت، والصيام في الشرع إمساك عن الطعام والشراب مقترنة به قرائن من مراعاة أوقات وغير ذلك، فهو من مجمل القرآن في قول الحذاق، والكاف من قوله كَما في موضع نصب على النعت، تقديره كتبا كما، أو صوما كما، أو على الحال كأن الكلام: كتب عليكم الصيام مشبها ما كتب على الذين من قبلكم.
وقال بعض النحاة: الكاف في موضع رفع على النعت للصيام إذ ليس تعريفه بمحض لمكان الإجمال الذي فيه مما فسرته الشريعة فلذلك جاز نعته ب كَما إذ لا تنعت بها إلا النكرات فهو بمنزلة كتب عليكم صيام، وقد ضعف هذا القول.
واختلف المتأولون في موضع التشبيه، فقال الشعبي وغيره: المعنى كتب عليكم رمضان كما كتب على النصارى، قال: «فإنه كتب عليهم رمضان فبدلوه لأنهم احتاطوا له بزيادة يوم في أوله ويوم في آخره قرنا بعد قرن حتى بلغوه خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الفصل الشمسي» .
قال النقاش: «وفي ذلك حديث عن دغفل بن حنظلة والحسن البصري والسدي» ، وقيل: بل مرض ملك من ملوكهم فنذر إن برىء أن يزيد فيه عشرة أيام، ثم آخر سبعة، ثم آخر ثلاثة، ورأوا أن الزيادة فيه حسنة بإزاء الخطأ في نقله.
وقال السدي والربيع: التشبيه هو أن من الإفطار إلى مثله لا يأكل ولا يشرب ولا يطأ، فإذا حان الإفطار فلا يفعل هذه الأشياء من نام، وكذلك كان في النصارى أولا، وكان في أول الإسلام، ثم نسخه الله بسبب عمر وقيس بن صرمة بما يأتي من الآيات في ذلك.
وقال عطاء: «التشبيه كتب عليكم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر- قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وفي بعض الطرق: ويوم عاشوراء- كما كتب على الذين من قبلكم ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، ثم نسخ هذا في هذه الأمة بشهر رمضان» .
وقالت فرقة: التشبيه كتب عليكم كصيام بالإطلاق، أي قد تقدم في شرع غيركم، ف الَّذِينَ عام في النصارى وغيرهم، ولَعَلَّكُمْ ترجّ في حقهم، وتَتَّقُونَ قال السدي: معناه تتقون الأكل والشرب والوطء بعد النوم على قول من تأول ذلك، وقيل: تتقون على العموم، لأن الصيام كما قال عليه السلام:
«جنة» ووجاء وسبب تقوى، لأنه يميت الشهوات.
وأَيَّاماً مفعول ثان ب كُتِبَ، قاله الفراء، وقيل: هي نصب على الظرف، وقيل: نصبها ب الصِّيامُ، وهذا لا يحسن إلا على أن يعمل الصيام في الكاف من كَما على قول من قدر: صوما كما، وإذا لم يعمل في الكاف قبح الفصل بين المصدر وبين ما عمل فيه بما عمل فيه غيره، وذلك إذا كان العامل في الكاف كُتِبَ، وجوز بعضهم أن يكون أَيَّاماً ظرفا يعمل فيه الصِّيامُ، ومَعْدُوداتٍ، قيل:
رمضان، وقيل: الثلاثة الأيام.
اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 250