responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 319
قرش بَنِي بَكْرٍ بِالسِّلَاحِ وَقَاتَلَ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْ قَاتَلَ مُسْتَخْفِيًا بِاللَّيْلِ، حَتَّى حَازُوا خُزَاعَةَ إِلَى الْحَرَمِ.
وَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ بَنِي بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى خُزَاعَةَ لَيْلَتَئِذٍ بِأَنْفُسِهِمْ مُتَنَكِّرِينَ: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهِلٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، مَعَ عَبِيدِهِمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْحَرَمِ قَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: يَا نَوْفَلُ إِنَّا دخلنا الحرم إلى إِلَهَكَ فَقَالَ كَلِمَةً عَظِيمَةً إِنَّهُ لا إله لي اليوم، أَصِيبُوا ثَأْرَكُمْ فِيهِ، فَلَمَّا تَظَاهَرَتْ قُرَيْشٌ عَلَى خُزَاعَةَ وَأَصَابُوا مِنْهُمْ وَنَقَضُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَهْدِ بِمَا اسْتَحَلُّوا مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانُوا فِي عَقْدِهِ خَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا هَاجَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، فَقَالَ:
«لَا هُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا»
الْأَبْيَاتُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ نُصِرْتَ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ» ، ثُمَّ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عنان بين السَّمَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةُ لَتَسْتَهِلُّ [1] بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ» ، وَهُمْ رَهْطُ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ، ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فِي نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا أُصِيبَ منهم ومظاهرة قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ إِلَى مَكَّةَ.
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ: كَأَنَّكُمْ بأبي سفيان قد جاء ليشدد الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ، وَمَضَى بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَلَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ بِعَسَفَانَ، قَدْ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ليشدد الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ، وَقَدْ رَهِبُوا الَّذِي صَنَعُوا فَلَمَّا لَقِيَ أَبُو سُفْيَانَ بُدَيْلًا قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا بُدَيْلُ؟ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سرت إلى خُزَاعَةَ فِي هَذَا السَّاحِلِ وَفِي بطن هذا الوادي، قال: أو ما أَتَيْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: لَا، فَلَمَّا رَاحَ بُدَيْلٌ إِلَى مَكَّةَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَئِنْ كَانَ جَاءَ الْمَدِينَةَ لَقَدْ عَلَفَ نَاقَتَهُ بِهَا النَّوَى فَعَمَدَ إِلَى مَبْرَكِ نَاقَتِهِ فَأَخَذَ مِنْ بَعْرِهَا فَفَتَّهُ فَرَأَى فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ بُدَيْلٌ مُحَمَّدًا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، فِلْمَّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ أَرَغِبْتِ بِي عَنْ هذا الفراش أم رغبت بِهِ عَنِّي؟ قَالَتْ: بَلَى هُوَ فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ نَجِسٌ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ تَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَكِ يَا بُنَيَّةُ بَعْدِي شَيْءٌ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا. [غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: نَقَضَ أَهْلُ مَكَّةَ الْعَهْدَ] .
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَكَلَّمَهُ أَنْ يُكَلِّمَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ.
ثُمَّ أَتَى عُمْرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ أَنَا لا أَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فو الله لو لم أجد إلا الدر لَجَاهَدْتُكُمْ بِهِ.
ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا غُلَامٌ يَدِبُّ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ إِنَّكَ أَمَسُّ الْقَوْمَ بِي رَحِمًا وَأَقْرَبُهُمْ مِنِّي قَرَابَةً، وَقَدْ جِئْتُ فِي حَاجَةٍ فَلَا أَرْجِعَنَّ كَمَا جِئْتُ خَائِبًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ لَقَدْ عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَمْرٍ مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نكلمه فيه.

[1] في المخطوط «لتسهل» .
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست