responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 283
سورة القدر
مكية [وهي خمس آيات] [1]

[سورة القدر (97) : الآيات [1] الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] ، يَعْنِي الْقُرْآنَ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، أَنْزَلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ، ثُمَّ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نُجُومًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً.
ثُمَّ عَجَّبَ نَبِيَّهُ فَقَالَ: وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) ، سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ تَقْدِيرِ الْأُمُورِ وَالْأَحْكَامُ، يُقَدِّرُ اللَّهُ فِيهَا أَمْرَ السَّنَةِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ، كقوله تعالى: فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ، وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: قَدَرَ اللَّهُ الشَّيْءَ بِالتَّخْفِيفِ قَدْرًا وَقَدَرًا، كَالنَّهَرِ وَالنَّهْرِ وَالشَّعْرِ وَالشَّعَرِ، وَقَدَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ تقديرا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قِيلَ لِلْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ: أَلَيْسَ قَدْ قَدَرَ اللَّهُ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ والأرض؟ قال: نعم، قِيلَ: فَمَا مَعْنَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ؟ قال: سوق المقادير التي خلقها إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدور. وقال الأزهري: وليلة الْعَظَمَةِ وَالشَّرَفِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ: لِفُلَانٍ عِنْدَ الْأَمِيرِ قَدْرٌ، أَيْ جاه ومنزلة، يقال: قَدَرْتُ فُلَانًا أَيْ عَظَّمْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام: 91، الزمر: 67، الحج: 74] ، أَيْ: مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ. وقيل: لأن العمل الصالح فيه يكون ذَا قَدْرٍ عِنْدَ اللَّهِ لِكَوْنِهِ مَقْبُولًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رُفِعَتْ، وَعَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُكَانِسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ رُفِعَتْ؟ قَالَ: كَذِبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، قُلْتُ: هِيَ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ قال: لا بل في شهر رمضان، فاستقبله وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِي السَّنَةِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ رَجُلٌ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ وَعِتْقَ عَبْدِهِ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ مِنْ حِينِ حَلَفَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ. وَالْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، قَالَ أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ: هِيَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَتْ صَبِيحَتُهَا وَقْعَةُ بَدْرٍ. وَالصَّحِيحُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شهر رمضان.

[1] زيد في المطبوع.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست