responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 130
تَغَلْغَلَ إِلَى الْحُوتِ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهِ الْأَرْضُ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَتَدْرِي مَا عَلَى ظَهْرِكَ يا لوثيا مِنَ الْأُمَمِ وَالدَّوَابِّ وَالشَّجَرِ وَالْجِبَالِ لَوْ نَفَضْتَهُمْ أَلْقَيْتَهُمْ عَنْ ظَهْرِكَ، فهم لوثيا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَبَعَثَ اللَّهُ دَابَّةً فَدَخَلَتْ مَنْخِرِهِ فَوَصَلَتْ إِلَى دِمَاغِهِ فَعَجَّ الْحُوتُ إِلَى اللَّهِ منها فأذن لها فخرجت. قال كعب: فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لِيَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ إِنْ هَمَّ بِشَيْءٍ من ذلك عادت إلى ذلك كما كانت [1] . وقال بعضهم: إن نُونٌ آخَرُ حُرُوفِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ رِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: النُّونُ الدَّوَاةُ. وَقِيلَ:
[هُوَ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ. وَقِيلَ: فَاتِحَةُ السُّورَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: افْتِتَاحُ اسْمِهِ نُورٌ وَنَاصِرٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ] [2] أقسم الله بنصرته المؤمنين. وَالْقَلَمِ، هُوَ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ بِهِ الذِّكْرَ وَهُوَ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ طُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
وَيُقَالُ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهِ الْقَلَمَ وَنَظَرَ إِلَيْهِ فَانْشَقَّ نصفين، ثم قال [له] [3] : اجْرِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَجَرَى عَلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بِذَلِكَ. وَما يَسْطُرُونَ، يَكْتُبُونَ أَيْ مَا تَكْتُبُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ.
مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ، بنبوة رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، هذا جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ [الْحِجْرِ: 6] فَأَقْسَمَ اللَّهُ بِالنُّونِ وَالْقَلَمِ وَمَا يَكْتُبُ مِنَ الْأَعْمَالِ فَقَالَ: فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ، بِنُبُوَّةِ رَبّكِ بِمَجْنُونٍ، هذا جواب القسم أَيْ: إِنَّكَ لَا تَكُونُ مَجْنُونًا وَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهَ عَلَيْكَ بِالنُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ.
وَقِيلَ: بِعِصْمَةِ رَبِّكَ. وَقِيلَ: هُوَ كَمَا يُقَالُ مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: مَا أَنْتَ بِمَجْنُونٍ وَالنِّعْمَةُ لِرَبِّكَ، كَقَوْلِهِمْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَيْ وَالْحَمْدُ لَكَ.
وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ [3] ، أَيْ مَنْقُوصٍ وَلَا مَقْطُوعٍ بِصَبْرِكِ عَلَى افْتِرَائِهِمْ عَلَيْكَ.
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: دِينٌ عَظِيمٌ لَا دِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَا أَرْضَى عِنْدِي مِنْهُ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ آدَابُ الْقُرْآنِ.
«2248» سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
هُوَ مَا كَانَ يَأْتَمِرُ بِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَيَنْتَهِي عَنْهُ مِنْ نَهْيِ اللَّهِ، وَالْمَعْنَى إِنَّكَ لعلى الْخُلُقِ الَّذِي أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ.
وَقِيلَ: سَمَّى اللَّهُ خُلُقَهُ عَظِيمًا لِأَنَّهُ امْتَثَلَ تَأْدِيبَ اللَّهِ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ: خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف: 199] الآية.
«2249» وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي لِتَمَامِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَتَمَامِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» .
«2250» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثنا

2248- صحيح. أخرجه مسلم 746 وأبو داود 1342 والنسائي 3/ 199- 200 وأحمد 6/ 53 والبيهقي 2/ 499 من طريق قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عن سعد بن هشام بن عامر عن عائشة مطوّلا.
- وأخرجه أبو يعلى 4862 وأحمد 6/ 97 و235 من طريق الحسن عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عائشة مطوّلا.
- وانظر الحديث الآتي في سورة المزمل عند آية: 4.
2249- تقدم في سورة الأعراف عند الآية: 199.
2250- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- يوسف هو ابن أبي إسحاق، أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله.
[1] هذا الخبر من إسرائيليات كعب الأحبار.
[2] زيادة عن المخطوط.
[3] زيادة عن المخطوط.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 5  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست