اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد الجزء : 5 صفحة : 118
مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ لِأَعْرِفَنَّ لَكَ مَا فَعَلْتَ، أَيْ لِأُجَازِيَنَّكَ عَلَيْهِ، وَجَازَاهَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ طَلَّقَهَا.
«2240» فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي آلِ الْخَطَّابِ خَيْرٌ لَمَا طَلَّقَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ بمراجعتها فاعتزل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ.
«2241» وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ وَإِنَّمَا هَمَّ بِطَلَاقِهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: لَا تُطَلِّقْهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا من جملة نِسَائِكَ فِي الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُطَلِّقْهَا.
وَقَرَأَ: الْآخَرُونَ عَرَّفَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ عَرَّفَ حَفْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، أَيْ أَخْبَرَهَا بِبَعْضِ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهَا، وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ، يَعْنِي لَمْ يُعَرِّفْهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يُخْبِرْهَا بِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ قَطُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ.
2240- لم أقف عليه بهذا السياق. وأخرج أبو يعلى 172 والبزار 1502 و1503 والطبراني في «الكبير» 23/ 189 والطحاوي في «المشكل» 4613 من حديث ابن عمر قال: «دخل عمر على حفصة، وهي تبكي فقال لها: ما يبكيك، لعل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم طلقك، إنه قد كان طلقك مرة، ثم راجعك من أجلي، ولله لأن كان طلقك مرة أخرى لا كلمتك أبدا» .
- وانظر ما بعده.
2241- أصل الحديث صحيح، لكن قول مقاتل «لم يطلقها» باطل، لم يتابع عليه.
- ذكره المصنف هاهنا عن مقاتل بن حيان معلقا، وسنده إليه في أول الكتاب، وهذا واه بمرة، ليس بشيء، وقد خولف مقاتل.
- فأخرج الحاكم 4/ 15 وابن سعد في «الطبقات» 8/ 84 والدارمي 2265 والطحاوي في «المشكل» 4615 من حديث أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم طلق حفصة تطليقة، فأتاه جبريل فقال: يا محمد طلقت حفصة تطليقة، وهي صوامة قوامة وهي زوجتك في الدنيا وفي الجنة» .
- وأخرج الطحاوي 1614 من طريق موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة، فأتاه جبريل فقال: راجعها فإنها صوّامة قوّامة» .
- وأخرج الطبراني 17 (804) نحوه من حديث عقبة بلفظ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فوضع التراب على رأسه، وقال: ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعدها، فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر» .
- قال الهيثمي في «المجمع» 4/ 334: وفيه عمرو بن صالح الحضرمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
- وأخرج الحاكم 4/ 15 (6753) وابن سعد 8/ 67 والطبراني 18/ (934) عن قيس بن زيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قال لي جبريل عليه السلام: راجع حفصة، فإنها صوّامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة» .
- وسكت عليه الحاكم، وكذا الذهبي، وكذا الحافظ في «تخريج الكشاف» 4/ 563 ورجاله ثقات غير قيس بن زيد فهو تابعي صغير مجهول- وأن عثمان بن مظعون توفي قبل أحد، وقبل أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم حفصة.
- وأخرج أبو داود 2283 والنسائي 6/ 213 وابن ماجه 2016 والدارمي 2264 وأبو يعلى 174 والحاكم 2/ 197 وابن حبان 4275 والطحاوي في «المشكل» 4611 والبيهقي 7/ 321- 322 من طرق عن يحيى بن زكريا عن ابن أبي داود عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها» .
- الخلاصة: قول مقاتل «لم يطلقها» باطل، ليس بشيء، والصحيح أنه طلقها كما في الروايات المذكورة، وهو خبر حسن صحيح بطرقه وشواهده لكن بالألفاظ التي أوردتها، وانظر «أحكام القرآن» 2138 بتخريجي.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد الجزء : 5 صفحة : 118