responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 464
فَيَكُونُ مَرْدُودًا عَلَى الْبَشَرِ، أَيْ: وَلَا يَأْمُرُ ذَلِكَ الْبَشَرُ، [وَقِيلَ: عَلَى إِضْمَارِ «أَنْ» ، أَيْ: وَلَا أَنْ يَأْمُرَكُمْ ذَلِكَ الْبَشَرُ] [1] ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، مَعْنَاهُ: وَلَا يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٌ:
وَلَا يَأْمُرُكُمْ مُحَمَّدٌ، أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً، كَفِعْلِ قُرَيْشٍ وَالصَّابِئِينَ حَيْثُ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَيْثُ قَالُوا فِي الْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ مَا قَالُوا، أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، قَالَهُ [2] عَلَى طريق التعجّب والإنكار، يعني: ولا يَقُولُ [3] هَذَا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ، قَرَأَ حَمْزَةُ لَما بِكَسْرِ اللَّامِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِهَا، فَمَنْ كَسَرَ اللَّامَ فَهِيَ لَامُ الْإِضَافَةِ دَخَلَتْ على ما الموصولة، ومعناه:
إن الَّذِي يُرِيدُ لِلَّذِي آتَيْتُكُمْ، أَيْ: أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لِأَجْلِ الَّذِي آتاهم من الكتاب والحكمة وأنهم أَصْحَابُ الشَّرَائِعِ، وَمَنْ فَتَحَ اللَّامَ معناه: لِلَّذِي آتَيْتُكُمْ، بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْجَزَاءِ، أَيْ: لَئِنْ آتَيْتُكُمْ وَمَهْمَا آتَيْتُكُمْ، وَجَوَابُ الْجَزَاءِ، قَوْلُهُ: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، قَوْلُهُ: لَما آتَيْتُكُمْ قَرَأَ نَافِعٌ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ «آتَيْنَاكُمْ» عَلَى التَّعْظِيمِ كَمَا قَالَ: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً [النساء: 163] ، ووَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مَرْيَمَ: 12] ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ لِمُوَافَقَةِ الْخَطِّ، وَلِقَوْلِهِ: وَأَنَا مَعَكُمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ:
فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْذَ الْمِيثَاقِ عَلَى النَّبِيِّينَ خَاصَّةً أن يبلّغوا كتاب الله ورسالته إِلَى عِبَادِهِ، وَأَنْ يُصَدِّقَ بَعْضُهُمْ بعضا وأخذ العهود عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ أَنْ يُؤْمِنَ بِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَنْصُرَهُ إِنْ أَدْرَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ أَنْ يَأْمُرَ قَوْمَهُ بِنُصْرَتِهِ إِنْ أَدْرَكُوهُ [4] ، فَأَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ مُوسَى أَنْ يُؤْمِنَ بِعِيسَى، وَمِنْ عِيسَى أَنْ يُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إنما [5] أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْهُمْ فِي أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، فعلى هذا اختلفوا فمنهم مَنْ قَالَ: إِنَّمَا أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَرْسَلَ مِنْهُمُ النَّبِيِّينَ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثًا إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ النَّبِيِّينَ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «وَإِذْ أخذ الله ميثق الّذين أوتوا الكتب» ، وإنّما الْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ، فَأَرَادَ: أَنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ أَنْ يَأْخُذُوا الميثاق إلى أُمَمِهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُصَدِّقُوهُ وَيَنْصُرُوهُ، إِنْ أَدْرَكُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
أَرَادَ أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّينَ، وَأُمَمِهِمْ جَمِيعًا فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاكْتَفَى بذكر الأنبياء [ذكر أممهم] [6] لِأَنَّ الْعَهْدَ مَعَ [7] الْمَتْبُوعِ عَهْدٌ عَلَى الْأَتْبَاعِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نبيا آدم فمن بعده إلا أخذ عليه الميثاق والعهد فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَأَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى قَوْمِهِ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ، وَلَئِنْ بعث وهم أحياء لنصرنّه [8] ، قَوْلِهِ: ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ، يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَنْبِيَاءِ حِينَ اسْتَخْرَجَ الذُّرِّيَّةَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْأَنْبِيَاءُ فِيهِمْ كَالْمَصَابِيحِ وَالسُّرُجِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم، أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي

[1] زيد في المطبوع وط.
[2] في المطبوع «قالوا له» .
[3] في المطبوع «لا يقوله» . [.....]
[4] في المطبوع «أدركه» .
[5] في المطبوع وط «بما» .
[6] زيادة عن المخطوط.
[7] في المطبوع «على» .
[8] في الآية الكريمة المتقدمة، وهذه الأقوال رد وإبطال لما يزعمه بعضهم من كون إلياس عليه السلام وكذا الخضر في عداد الأحياء، وأنهما ما ماتا!!؟.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 464
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست