responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
مَنْ يَمُنُّ وَيُؤْذِي بِالصَّدَقَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ، أَيْ: أُجُورَ صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ، عَلَى السَّائِلِ، وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بِالْمَنِّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَذى، لِصَاحِبِهَا ثُمَّ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ: كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ، أَيْ: كَإِبْطَالِ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئاءَ النَّاسِ، أي: مرآة وَسُمْعَةً لِيَرَوْا نَفَقَتَهُ وَيَقُولُوا: إِنَّهُ كَرِيمٌ سَخِيٌّ، وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يُرِيدُ أَنَّ الرِّيَاءَ يُبْطِلُ الصَّدَقَةَ، وَلَا تَكُونُ النَّفَقَةُ مَعَ الرِّيَاءِ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا لِلْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُعْلِنٌ بكفره غير مرائي، فَمَثَلُهُ، أَيْ:
مَثَلُ هَذَا الْمُرَائِي، كَمَثَلِ صَفْوانٍ، وهو الْحَجَرِ الْأَمْلَسِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ جَمْعًا فَوَاحِدُهُ صَفْوَانَةٌ، ومن جعله واحدا فجمعه [صفا و] [1] صُفِيٌّ، عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى الصَّفْوَانِ، تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ، وهو الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الْعَظِيمُ الْقَطْرِ، فَتَرَكَهُ صَلْداً، أَيْ: أَمْلَسَ، وَالصَّلْدُ: الْحَجَرُ الصُّلْبُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفَقَةِ الْمُنَافِقِ وَالْمُرَائِي وَالْمُؤْمِنَ الَّذِي يَمُنُّ بِصَدَقَتِهِ وَيُؤْذِي، وَيُرِي النَّاسَ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ أَعْمَالًا كَمَا يُرَى التُّرَابُ عَلَى هَذَا الصَّفْوَانِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَطَلَ كُلُّهُ وَاضْمَحَلَّ لِأَنَّهُ لم يكن لله [تعالى] ، كَمَا أَذْهَبَ الْوَابِلُ مَا عَلَى الصَّفْوَانِ مِنَ التُّرَابِ فَتَرَكَهُ صَلْدًا [لا شيء عليه] [2] ، لَا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا، أي: على الثواب من [3] شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَعَمِلُوا فِي الدُّنْيَا، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ.
«303» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن

303- حديث قوي بشواهده، رجال الإسناد رجال الصحيح، أحمد بن علي فمن دونه ثقات، وقد توبعوا، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم غير صحابيه، فإنه روى له مسلم دون البخاري، وهو صحابي صغير، جل روايته عن الصحابة، وقال الحافظ في «التهذيب» (10/ 59) : رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أحاديث، ولم تصح له رؤية، ولا سماع اهـ. والظاهر أنه سمعه بواسطة كما سيأتي.
- وهو في «شرح السنة» 4030 بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد (5/ 428) (23120) والبيهقي في «الشعب» 6831 من طريق عمرو بن أبي عمرو به.
- وذكره المنذري في «الترغيب» (1/ 69) وقال: رواه أحمد بإسناد جيد اهـ.
وكذا ذكره الهيثمي في «المجمع» (1/ 102) (375) وقال: أحمد، ورجاله رجال الصحيح اهـ.
قلت: لكن علته أنه لم يسمع مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم كما قال الحافظ ابن حجر، ويؤيد ذلك الرواية الآتية، فقد أخرجه الطبراني في «الكبير» 4301 من طريق آخر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعا وقال الهيثمي في «المجمع» (10/ 222) (17657) : ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن شبيب بن خالد، وهو ثقة اهـ.
- وله شاهد من حديث معاذ أخرجه الحاكم (3/ 270) والبيهقي في «الزهد» 195 وصححه الحاكم، ورده الذهبي بقوله:
أبو قحذم- النضر بن معبد- قال أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة اهـ.
وأخرجه الحاكم من طريق آخر عن معاذ مرفوعا وفيه: «اليسير شرك الرياء من ... » الحديث.
قال الحاكم: صحيح. وهذا الإسناد مصري لا يحفظ له علة، ووافقه الذهبي.
- وله شاهد آخر من حديث شداد بن أوس أخرجه ابن ماجه 4205 والحاكم (4/ 330) وأبو نعيم (1/ 268) والبيهقي في
[1] زيادة عن المخطوط.
فائدة: قال في القاموس: الصّفاة: الحجر الصلد الضخم، جمعه: صفوات وصفا، وجمع الجمع: أصفاء، وصفيّ، وصفيّ.
[2] زيادة عن المخطوط.
[3] في المطبوع «ثواب» بدل «الثواب من» .
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست