اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد الجزء : 1 صفحة : 165
ع [86] وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أيضا عن ابن عباس قال: ثم لبثت عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نبلا تحت دوحة قريبة مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي بِأَمْرٍ تُعِينُنِي عَلَيْهِ، قَالَ: أعينك عليه، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ رفع الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، فلما ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] .
ع [87] وَفِي الْخَبَرِ: «الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ من يواقيت الجنة، ولولا مَسَّتْهُ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ لَأَضَاءَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ، أَيْ: أَمَرْنَاهُمَا وَأَوْحَيْنَا [1] إِلَيْهِمَا، قِيلَ: سُمِّيَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يدعو الله أن يرزقه ولد، وَيَقُولَ: اسْمَعْ يَا إِيلُ، وَإِيلُ هو الله، فلما رزق الولد سمّاه بِهِ. أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ، يَعْنِي: الْكَعْبَةَ، أَضَافَهُ إِلَيْهِ تَخْصِيصًا وَتَفْضِيلًا، أَيِ: ابْنِيَاهُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ: طَهِّرَاهُ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالرِّيَبِ وَقَوْلِ الزور، وقيل: بخّراه وخلّقاه، قاله يمان بن رباب. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَحَفْصٌ بَيْتِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ الحج [26] ، وزاد
86- ع هو عند البخاري 3364 و3365 وهو بعض المتقدم.
87- ع الراجح وقفه. أخرجه البيهقي (5/ 75) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو وفيه « ... ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم» بدل «ولو لامسته أيدي المشركين» من طريق أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس عن الزهري عن مسافع عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مرفوعا، ورجاله ثقات، وهو أمثل إسناد في هذا الباب.
- وأخرجه الترمذي 878 وأحمد (2/ 213- 214) وابن خزيمة 2732 وابن حبان 3710 والحاكم من طريق رجاء بن صبيح عن مسافع عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مرفوعا.
وفيه: «ولولا أن طمس الله على نورهما» بدل «ولو لامسته أيدي المشركين» .
وفي إسناده رجاء بن صبيح، وقد ضعفه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في الثقات.
- وأخرجه ابن خزيمة 2731 والحاكم (1/ 456) والبيهقي (5/ 75) عن أيوب بن سويد عن يونس عن الزهري عن مسافع عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو به.
قال الحاكم: هذا حديث تفرد به أيوب بن سويد عن يونس وأيوب ممن لم يحتجا به، إلا أنه من أجلة مشايخ الشام.
وتعقبه الذهبي بقوله: ضعفه أحمد اهـ. وقال في «الميزان» (1/ 287) : ضعفه أحمد وغيره، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: يتكلمون فيه. وله طريق آخر أخرجه البيهقي (5/ 75) من طريق مسدد عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ عبد الله بن عمرو مرفوعا، ورجاله رجال البخاري لكن فيه عنعنة ابن جريج.
- وفي الباب من حديث أنس عند الحاكم 1678 وفي إسناده داود بن الزبرقان. قال الذهبي في «التلخيص» : داود، قال أبو داود: متروك اهـ.
- ومن حديث ابن عباس عند الترمذي 877 وابن خزيمة 2733 وإسناده ضعيف، فيه عطاء بن السائب، اختلط بأخرة.
وتابعه سعيد بن جبير عند ابن خزيمة 2734 لكن في الطريق أبو الجنيد الحسين بن خالد، وهو ضعيف.
الخلاصة: كل طرقه وشواهده لا تخلو من ضعف، وأمثلها الطريق الأولى عند البيهقي، ولكن الحديث بمجموع هذه الشواهد والطرق يرقى إلى درجة الحسن. وقد صححه الشيخ شعيب في «الإحسان» (9/ 24) لطرقه وكذا صححه الألباني في «صحيح الترمذي» (695 و696) ، ومع ذلك رفعه غريب والأشبه الوقف، وقد أخرجه عبد الرزاق 8921 عن ابن عمرو موقوفا وأخرجه 8915 عن ابن عمرو وكعب الأحبار موقوفا، وهو الراجح. والله أعلم. [1] في المطبوع «وأوصينا» .
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد الجزء : 1 صفحة : 165