responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 156
الْفِعْلِ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْهُودُ: جَمْعٌ هَائِدٍ، مِثْلَ عَائِدٍ وَعُودٍ وَحَائِلٍ وَحُولٍ، أَوْ نَصارى، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَهُودِيًّا [1] وَلَا دِينَ إِلَّا [دِينُ] [2] الْيَهُودِيَّةِ، وَقَالَتِ النَّصَارَى: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَلَا دِينَ إِلَّا [دِينُ] [3] النَّصْرَانِيَّةِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نجران [و] كانوا نَصَارَى، اجْتَمَعُوا فِي مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْيَهُودِ، فَكَذَّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ، أَيْ: شَهَوَاتُهُمُ الْبَاطِلَةُ الَّتِي تَمَنَّوْهَا عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، قُلْ: يَا مُحَمَّدُ هاتُوا، أَصْلُهُ: آتُوا، بُرْهانَكُمْ: حُجَّتَكُمْ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، ثُمَّ قَالَ رَدًّا عَلَيْهِمْ:
بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ، أَيْ: لَيْسَ كَمَا قَالُوا بَلْ الْحُكْمُ لِلْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ، [أَيْ: أَخْلَصَ دِينَهُ لِلَّهِ، وَقِيلَ: أَخْلَصَ عِبَادَتَهُ لِلَّهِ، وَقِيلَ: خَضَعَ وَتَوَاضَعَ لِلَّهِ] [4] ، وَأَصْلُ الْإِسْلَامِ الِاسْتِسْلَامُ وَالْخُضُوعُ، وَخَصَّ الْوَجْهَ لِأَنَّهُ إِذَا جَادَ بِوَجْهِهِ فِي السُّجُودِ لَمْ يَبْخَلْ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ، وَهُوَ مُحْسِنٌ: فِي عَمَلِهِ، وَقِيلَ: مُؤْمِنٌ، وَقِيلَ: مُخْلِصٌ، فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
قَوْلُهُ: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ، نَزَلَتْ فِي يَهُودِ الْمَدِينَةِ وَنَصَارَى أَهْلِ نَجْرَانَ، وَذَلِكَ أَنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ لِمَا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ فَتَنَاظَرُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَقَالَتْ لَهُمُ الْيَهُودُ: مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ، وَكَفَرُوا بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ، وَقَالَتْ لَهُمُ النَّصَارَى: مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ، وَكَفَرُوا بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ، وَكِلَا الفريقين يقرؤون الكتاب، وقيل: مَعْنَاهُ لَيْسَ فِي كُتُبِهِمْ [5] هَذَا الِاخْتِلَافُ، فَدَلَّ تِلَاوَتُهُمُ الْكِتَابَ وَمُخَالَفَتُهُمْ مَا فِيهِ عَلَى كَوْنِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ، كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، يَعْنِي: آبَاءَهُمُ الَّذِينَ مَضَوْا، مِثْلَ قَوْلِهِمْ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي عَوَامُّ النَّصَارَى، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ، كَذَلِكَ قَالُوا فِي نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: أُمَمٌ كَانَتْ قَبْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ، فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ: يَقْضِي بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ [6] ، فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ: مِنَ الدِّينِ.

[سورة البقرة [2] : الآيات 114 الى 115]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (115)
قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ، الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي طَيْطُوسَ بْنِ إِسْبِيسَبَانُوسَ الرُّومِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَزَوْا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوا مُقَاتَلِتَهُمْ وَسَبَوْا ذَرَّارِيهِمْ وَحَرَّقُوا التَّوْرَاةَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَقَذَفُوا فِيهِ الْجِيَفَ وَذَبَحُوا فِيهِ الْخَنَازِيرَ، فَكَانَ خَرَابًا إِلَى أَنْ بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ بُخْتُنَصَّرُ وَأَصْحَابُهُ غَزَوُا الْيَهُودَ وَخَرَّبُوا بيت المقدس،

[1] في المطبوع وحده «هودا» .
[2] زيادة في نسخ المطبوع.
[3] زيادة في نسخ المطبوع.
[4] زيد في نسخ المطبوع.
[5] في المخطوط «كتابهم» .
[6] زيد في المخطوط «يوم القيامة» .
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست