responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} مَوْضِعُ قَرَارٍ {وَمَتَاعٌ} بُلْغَةٌ وَمُسْتَمْتَعٌ {إِلَى حِينٍ} إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ
{فَتَلَقَّى} تَلَقَّى وَالتَّلَقِّي: هُوَ قَبُولٌ عَنْ فِطْنَةٍ وَفَهْمٍ، وَقِيلَ: هُوَ التَّعَلُّمُ {آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: آدَمُ بِرَفْعِ الْمِيمِ وَكَلِمَاتٍ بِخَفْضِ التَّاءِ. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: آدَمَ بِالنَّصْبِ، كَلِمَاتٌ بِرَفْعِ التَّاءِ يَعْنِي جَاءَتِ الْكَلِمَاتُ آدَمَ مِنْ رَبِّهِ، وَكَانَتْ سَبَبَ تَوْبَتِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: هِيَ قَوْلُهُ "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا" الْآيَةَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: هِيَ قَوْلُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ {التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [1] . لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ رَبِّ عَمِلْتُ سُوءًا وَظَلَمْتُ نَفْسِي فَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [2] وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: هِيَ أَنَّ آدَمَ قَالَ يَا رَبِّ أَرَأَيْتَ مَا أَتَيْتُ أَشَيْءٌ ابْتَدَعْتُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَمْ شَيْءٌ قَدَّرْتَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا بَلْ شَيْءٌ قُدَّرْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ. قَالَ يَا رَبِّ فَكَمَا قَدَّرْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي فَاغْفِرْ لِي [3] .
وَقِيلَ: هِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْحَيَاءُ وَالدُّعَاءُ وَالْبُكَاءُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَكَى آدَمُ وَحَوَّاءُ عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ مِائَتَيْ سَنَةٍ، وَلَمْ يَأْكُلَا وَلَمْ يَشْرَبَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يقرب آدم 10/أحَوَّاءَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالُوا: لَوْ أَنَّ دُمُوعَ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ جُمِعَتْ {لَكَانَتْ} [4] دُمُوعُ دَاوُدَ أَكْثَرَ حَيْثُ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ وَلَوْ أَنَّ دُمُوعَ دَاوُدَ وَدُمُوعَ أَهْلِ الْأَرْضِ جُمِعَتْ لَكَانَتْ دُمُوعُ آدَمَ أَكْثَرَ حَيْثُ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: بَلَغَنِي أَنَّ آدَمَ لَمَّا {هَبَطَ} [5] إِلَى الْأَرْضِ مَكَثَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (6)

[1] في ب الغفور.
[2] قال ابن جرير الطبري، رحمه الله، بعد أن ساق الأقوال ونسبها لقائليها: "وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه، وإن كانت مختلفة الألفاظ، فإن معانيها متفقة في أن الله جل ثناؤه لقى آدم كلمات، فتلقاهن آدم من ربه فقبلهن وعمل بهن، وتاب، =بقيله إياهن وعمله بهن، إلى الله من خطيئته، معترفا بذنبه متنصلا إلى ربه من خطيئته، نادما على ما سلف منه من خلاف أمره، فتاب الله عليه بقبوله الكلمات التي تلقاهن منه، وندمه على ما سالف الذنب منه. والذي يدل عليه كتاب الله: أن الكلمات التي تلقاهن آدم من ربه، هن الكلمات التي أخبر الله عنه أنه قالها متنصلا بقيلها إلى ربه، معترفا بذنبه، وهو قوله "ربنا ظلمنا أنفسنا" وليس ما قاله من خالف قولنا هذا - من الأقوال التي حكيناها - بمدفوع قوله، ولكنه قول لا شاهد عليه من حجة يجب التسليم لها، فيجوز لنا إضافته إلى آدم، وأنه مما تلقاه من ربه عند إنابته إليه من ذنبه" تفسير الطبري: 1 / 546، وانظر: التفسير الوسيط للواحدي 1 / 87، ابن كثير: 1 / 149. الإسرائيليات والموضوعات للشيخ محمد أبو شهبة ص254.
[3] انظر: تفسير ابن كثير: 1 / 149، الطبري: 1 / 545، الوسيط للواحدي: 1 / 87.
[4] في (أ) لكان.
[5] في (ب) أهبط.
(6) انظر: الدر المنثور: 1 / 141-142.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست