responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 239
فَعَذَّبُوهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَضُرُّكُمْ أَمِنْكُمْ كُنْتُ أَمْ مَنْ غَيْرِكُمْ فَهَلْ لَكَمَ أَنْ تَأْخُذُوا مَالِي وَتَذَرُونِي وَدِينِي؟ فَفَعَلُوا، وَكَانَ شَرَطَ عَلَيْهِمْ رَاحِلَةً وَنَفَقَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ فِي رِجَالٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَبِحَ بَيْعُكَ يَا أَبَا يَحْيَى، فَقَالَ لَهُ صُهَيْبٌ: وَبَيْعُكَ فَلَا تَتَحَسَّرْ، قَالَ صُهَيْبٌ: مَا ذَاكَ؟ فَقَالَ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ: أَقْبَلَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَنَثَلَ مَا كَانَ فِي كِنَانَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَقَدْ عَلِمْتُمْ إِنِّي لَمِنْ أَرْمَاكُمْ رَجُلًا وَاللَّهِ لَا أَضَعُ سَهْمًا مِمَّا فِي كِنَانَتِي إِلَّا فِي قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ وَايْمُ اللَّهِ لَا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَ بِكُلِّ سَهْمٍ فِي كِنَانَتِي ثُمَّ أَضْرِبَ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ فِي يَدِي ثُمَّ افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ دَلَلْتُكُمْ عَلَى مَالِي بِمَكَّةَ وَخَلَّيْتُمْ سَبِيلِي قَالُوا: نَعَمْ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ [1] .
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَتَدْرُونَ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ نَزَلَتْ فِي الْمُسْلِمِ يَلْقَى الْكَافِرَ فَيَقُولُ لَهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَأْبَى أَنْ يَقُولَهَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَاللَّهِ لَأَشْرِيَنَّ نَفْسِي لِلَّهِ. فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ وَحْدَهُ حَتَّى قُتِلَ.
وَقِيلَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَى مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ يَقُومُ فَيَأْمُرُ هَذَا بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ وَأَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ، قَالَ وَأَنَا أَشْرِي نَفْسِي لِلَّهِ فَقَاتَلَهُ فَاقْتَتَلَ الرَّجُلَانِ لِذَلِكَ، وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَقُولُ: اقْتَتَلَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنْسَانًا يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} فَقَالَ عُمْرُ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} قَامَ رَجُلٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَقُتِلَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ "أَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ قَالَ كَلِمَةَ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ" [2] .

[1] انظر: تفسير الواحدي 1 / 304، ابن كثير: 1 / 437، أسباب النزول للواحدي ص (58) طبقات ابن سعد: 3 / 227-228.
[2] رواه أبو داود: في الملاحم باب الأمر والنهي عن أبي سعيد الخدري 6 / 191. والترمذي: في الفتن باب أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر 6 / 395 عن أبي سعيد الخدري وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، (ويشهد له حديث أبي أمامة) . والنسائي: في البيعة باب فضل من تكلم بالحق عند سلطان جائر 7 / 161. وابن ماجه: في الفتن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2 / 1329. وأحمد: 3 / 19 جزء من حديث عن أبي سعيد الخدري - 4 / 324 عن طارق بن شهاب 5 / 251-256 عن أبي أمامة.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست