responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 153
جَاهِلٌ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ فَقَدْ جَهَّلَ نَفْسَهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا، وَقَدْ جَاءَ: "مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ" [1] ، وَفِي الْأَخْبَارِ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ اعْرِفْ نَفْسَكَ وَاعْرِفْنِي، فَقَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعْرِفُ نَفْسِي؟ وَكَيْفَ أَعْرِفُكَ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ اعْرِفْ نَفْسَكَ بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ وَالْفَنَاءِ، وَاعْرِفْنِي بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبَقَاءِ".
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مَعْنَاهُ سَفِهَ فِي نَفْسِهِ، ونفسه عَلَى هَذَا الْقَوْلِ نَصْبٌ بِنَزْعِ حَرْفِ الصِّفَةِ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَصْبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَكَانَ الْأَصْلُ سَفِهَتْ نَفْسُهُ فَلَمَّا أَضَافَ الْفِعْلَ إِلَى صَاحِبِهَا خَرَجَتِ النَّفْسُ الْمُفَسِّرَةُ لِيَعْلَمَ مَوْضِعَ السَّفَهِ، كَمَا يُقَالُ: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا، أَيْ ضَاقَ ذَرْعِي بِهِ.
{وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا} اخْتَرْنَاهُ فِي الدُّنْيَا {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} يَعْنِي مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّالِحِينَ
{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} أَيِ اسْتَقِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَاثْبُتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لَهُ حِينَ خَرَجَ مِنَ السَّرَبِ [2] ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَخْلِصْ دِينَكَ وَعِبَادَتَكَ لِلَّهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ أَسْلِمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفَوِّضْ أُمُورَكَ إِلَيْهِ.
{قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} أَيْ فَوَّضْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَسْتَعِنْ بِأَحَدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) }
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: "وَأَوْصَى" بِالْأَلِفِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: "وَوَصَّى" مُشَدَّدًا، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ أَنْزَلَ وَنَزَّلَ، مَعْنَاهُ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَوَصَّى يَعْقُوبُ بَنِيهِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنْ شِئْتَ رَدَدْتَ الْكِنَايَةَ إِلَى الْمِلَّةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنْ شِئْتَ رَدَدْتَهَا إِلَى الْوَصِيَّةِ: أَيْ وَصَّى إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ الثَّمَانِيَةَ إِسْمَاعِيلَ وَأُمُّهُ هَاجَرُ الْقِبْطِيَّةُ، وَإِسْحَاقَ وَأُمُّهُ سَارَةُ، وَسِتَّةً أُمُّهُمْ قَنْطُورَةُ بِنْتُ يَقْطَنَ الْكَنْعَانِيَّةُ تَزَوُّجَهَا إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ وَفَاةِ سَارَةَ وَيَعْقُوبُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وَالْعِيصُ كَانَا تَوْأَمَيْنِ فَتَقَدَّمَ عِيصُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَخَرَجَ يَعْقُوبُ عَلَى أَثَرِهِ آخِذًا بِعَقِبِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ يَعْقُوبُ لِكَثْرَةِ عَقِبِهِ يَعْنِي: وَوَصَّى أَيْضًا يَعْقُوبُ بَنِيهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ {يَا بَنِيَّ} مَعْنَاهُ أَنْ يَا بَنِيَّ {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} اخْتَارَ {لَكُمُ الدِّينَ} أَيْ دِينَ

[1] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: حديث موضوع. انظر: الأسرار المرفوعة للقاري ص (337) وكشف الخفاء للعجلوني: 1 / 262.
[2] السرب: بفتح الراء، حفير تحت الأرض، وقيل: بيت تحت الأرض.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست