responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
أَبْيَضَ فَاسْوَدَّ مِنْ لَمْسِ الْحُيَّضِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَوَجَّهَ آدَمُ مِنْ أَرْضِ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ مَاشِيًا وَقَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَلَكًا يَدُلُّهُ عَلَى الْبَيْتِ فَحَجَّ الْبَيْتَ وَأَقَامَ الْمَنَاسِكَ، فَلَمَّا فَرَغَ تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَقَالُوا: بَرَّ حَجُّكَ يَا آدَمُ لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَجَّ آدَمُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَيَّامِ الطُّوفَانِ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى خَبَّأَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ صِيَانَةً لَهُ مِنَ الْغَرَقِ، فَكَانَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ خَالِيًا إِلَى زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ بَعْدَمَا وُلِدَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ بِبِنَاءِ بَيْتٍ يُذْكَرُ فِيهِ، فَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ مَوْضِعَهُ، فَبَعَثَ اللَّهُ السِّكِّينَةَ لِتَدُلَّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ لَهَا رَأْسَانِ شِبْهَ الْحَيَّةِ فَأُمِرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَبْنِيَ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ السِّكِّينَةُ فَتَبِعَهَا إِبْرَاهِيمُ حَتَّى أَتَيَا مَكَّةَ فَتَطَوَّتِ السِّكِّينَةُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَتَطَوِّي الْحَجَفَةِ هَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى سَحَابَةً عَلَى قَدْرِ الْكَعْبَةِ فَجَعَلَتْ تَسِيرُ وَإِبْرَاهِيمُ يَمْشِي فِي ظِلِّهَا إِلَى أَنْ وَافَقَ مَكَّةَ وَوَقَفَتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ فَنُودِيَ مِنْهَا إِبْرَاهِيمُ أَنِ ابْنِ عَلَى ظِلِّهَا لَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ، وَقِيلَ: أَرْسَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ لِيَدُلَّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} فَبَنَى إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْبَيْتَ فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِيهِ وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحَجَرَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} يَعْنِي أُسُسَهُ وَاحِدَتُهَا قَاعِدَةٌ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: جُدُرُ الْبَيْتِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا بُنِيَ الْبَيْتُ مِنْ خمسة أجبل، طورسيناء وطور زَيْتَا وَلُبْنَانَ وَهُوَ جَبَلٌ بِالشَّامِ، وَالْجُودِيِّ وَهُوَ جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ وَبَنَيَا قَوَاعِدَهُ مِنْ حِرَاءَ وَهُوَ جَبَلٌ بِمَكَّةَ فَلَمَّا انْتَهَى إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ قَالَ لِإِسْمَاعِيلَ ائْتِنِي بِحَجَرٍ حَسَنٍ يَكُونُ لِلنَّاسِ عَلَمًا فَأَتَاهُ بِحَجَرٍ فَقَالَ: ائْتِنِي بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَمَضَى إِسْمَاعِيلُ يَطْلُبُهُ فَصَاحَ أَبُو قُبَيْسٍ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةً فَخُذْهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَوَضَعَهُ مَكَانَهُ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَنَى فِي السَّمَاءِ بَيْتًا وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ وَيُسَمَّى الضُّرَاحَ وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَبْنُوا الْكَعْبَةَ فِي الْأَرْضِ بِحِيَالِهِ عَلَى قَدْرِهِ وَمِثَالِهِ، وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ آدَمُ وَانْدَرَسَ زَمَنَ الطُّوفَانِ ثُمَّ أَظْهَرَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ حَتَّى بَنَاهُ [1] .
قَوْلُهُ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} فِيهِ إِضْمَارٌ أَيْ وَيَقُولَانِ: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا بِنَاءَنَا {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ} لِدُعَائِنَا {الْعَلِيمُ} بِنِيَّاتِنَا
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) }
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} مُوَحِّدَيْنِ مُطِيعَيْنِ مُخْلِصَيْنِ خَاضِعَيْنِ لَكَ.

[1] قال ابن كثير رحمه الله: ولم يجئ في خبر صحيح عن معصوم: أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام، ومن تمسك في هذا بقوله تعالى: "مكان البيت" فليس بناهض ولا ظاهر، لأن مراده: مكانه المقدر في علم الله تعالى، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم عليه السلام" انظر: البداية والنهاية: 1 / 163، 165.
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست