اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 551
[سورة البقرة [2] : الآيات 283 الى 285]
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)
وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ ... الآية: لما ذكر اللَّه تعالى الندْبَ إِلى الإِشهاد، والكتْبِ لمصلحة حفظ الأموال والأديان- عقَّب ذلك بذكْر حال الأعذار المانعة من الكتب، وجعل بدلها الرهْنَ، ونصَّ على السفر إِذ هو الغالب من الأعذار، ويدخل في ذلك بالمعنى كلُّ عذر. /
قال ع [1] : رَهَنَ الشَّيْءَ في كلام العرب معناه: دَامَ، واستمر، قيل: ولما كان الرهنُ بمعنى الثبوتِ، والدوامِ [2] ، فمِنْ ثَمَّ بطَل الرهْنُ عند الفقهاء: إِذا خرج مِنْ يد [1] ينظر: «المحرر الوجيز» (1/ 386) . [2] الرهن يطلق لغة على العين المرهونة.
قال ابن سيده: الرهن ما وضع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أخذ منه يقال: رهنت فلانا رهنا، وارتهنته إذا أخذه رهنا، والرهينة (واحدة الرهائن) : الرهن. والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ثم استعملا في معنى المرهون، فقيل: هو رهن بكذا، أو رهينة بكذا.
وفي الحديث: «كل غلام رهينة بعقيقته» .
ومعناه: أن العقيقة لازمة له لا بد منها، فشبهه في لزومها، وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن.
قال الخطّابي: تكلم الناس في هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعقّ عنه، فمات طفلا لم يشفع في والديه، أي: أن كل غلام محبوس، ومرهون عن الشفاعة بسبب ترك العقيقة عنه.
وقيل: معناه أنه مرهون بأذى شعره، واستدلوا بقوله: «فأميطوا عنه الأذى» وهو ما علق به من دم الرّحم.
ورهنه الشيء يرهنه رهنا، ورهنه عنده، كلاهما، جعله عنده رهنا، ورهنه عنه جعله رهنا بدلا منه.
قال الشاعر: [الكامل] ارهن بنيّك عنهم وأرهن بني أي: أرهن أنا بنيّ كما فعلت أنت.
ويطلق على الدوام والحبس.
قال ابن عرفة: الرهن في كلام العرب هو الشيء الملزم، يقال: هذا راهن لك، أي: دائم محبوس عليك، وقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وكُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ أي: محتبس بعمله، ورهينة محبوسة بكسبها.
وحديث: «نفس المؤمن مرهونة بدينه حتى يقضى عنه» أي محبوسة عن مقامها الكريم.
قال الشاعر: [البسيط]
وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى الرّهن قد غلقا-
اسم الکتاب : تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 551