اسم الکتاب : تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن المؤلف : الثعلبي الجزء : 1 صفحة : 263
فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قبلة الله التي وجهكم إليها فاستقبلوها يعني الكعبة، وقال أبو العالية: لما غيّرت القبلة إلى الكعبة عيّرت اليهود المؤمنين في انحرافهم من بيت المقدس. فأنزل الله تعالى هذه الآية جوابا إليهم.
عطاء وقتادة: نزلت في النجاشي وذلك إنّه توفّي، فأتى جبرئيل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّ أخاكم النجاشي قد مات فصلّوا عليه. فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف نصلّي على رجل مات وهو يصلي إلى غير قبلتنا؟ وكان النجاشي يصلّي إلى بيت المقدس حتّى مات. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مجاهد والحسن والضحّاك: لمّا نزلت: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [1] قالوا أين ندعوه؟ فنزلت وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ملكا وخلقا فَأَيْنَما تُوَلُّوا تحوّلوا وجوهكم فَثَمَّ هناك وَجْهُ اللَّهِ.
وقال الكلبي والقتيبي: معناه فثمّ الله عليم يرى والوجه صلة كقوله تعالى. يُرِيدُونَ وَجْهَهُ أيّ يريدونه بالدّعاء، وقوله كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [2] . أيّ إلّا هو، وقوله تعالى وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [3] أي ويبقى ربّك، وقوله إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ [4] أيّ لله.
وقال الحسن ومجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان: فثمّ قبلة الله أضافها إلى نفسه تخصيصا وتفصيلا، كما يقال: بيت الله، وناقَةُ اللَّهِ، والوجه والجهة والوجهة: القبلة.
إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ قال الكلبي: واسع المغفرة لا يتعاظم مغفرته ذنب دليله قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ [5] .
أبو عبيدة: الواسع الغني يقال: يعطي فلان من سعة أي من غنى قال الله لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [6] قال الفراء: الواسع الجواد الذي يسع عطاءه كل شيء. دليله قوله تعالى وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [7] وقيل: الواسع العالم الذي يسع علمه كلّ شيء. قال الله وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [8] أي علمه.
عَلِيمٌ بنياتهم حيثما صلّوا ودعوا، وقال بعض السّلف: دخلت ديرا فجاء وقت الصّلاة فقلت لبعض من في الدّير: دلني على بقعة طاهرة أصلي فيها. فقال لي: طهّر قلبك عمّن سواه، وقف حيث شئت. قال: فخجلت منه. [1] سورة غافر: 60. [2] سورة القصص: 88. [3] سورة الرحمن: 27. [4] سورة الإنسان: 9. [5] سورة النجم: 32. [6] سورة الطلاق: 7. [7] سورة الأعراف: 156. [8] سورة البقرة: 255.
اسم الکتاب : تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن المؤلف : الثعلبي الجزء : 1 صفحة : 263