responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 338
وَعَمَّارًا فِي جَمَاعَةٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْكِتَابَ وَإِلَّا فَاضْرِبُوا عُنُقَهَا، فَلَمَّا أَدْرَكُوهَا جَحَدَتْ وَحَلَفَتْ فسل علي عليه السلام سيفه وقال: الله مَا كُذِبْنَا فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عَقِيصَةِ شَعْرِهَا، وَاسْتَحْضَرَ النَّبِيُّ حَاطِبًا وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ؟
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا أَحْبَبْتُهُمْ مُنْذُ فَارَقْتُهُمْ، لَكِنْ كُنْتُ غَرِيبًا فِي قُرَيْشٍ وَكُلُّ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ أَهَالِيَهُمْ فَخَشِيتُ عَلَى أَهْلِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ/ فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَفَاضَتْ عَيْنَا عُمَرَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَنْ نَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَقَدِمَ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ إِلَيْهِ فَاسْتَأْذَنَا فَأَذِنَ لِعَمِّهِ خَاصَّةً فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِمَّا أَنْ تَأْذَنَ لِي وَإِلَّا أَذْهَبُ بِوَلَدِي إِلَى الْمَفَازَةِ فَيَمُوتَ جُوعًا وَعَطَشًا فَرَقَّ قَلْبُهُ، فَأَذِنَ لَهُ وَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَأْنِ أَنْ تُسْلِمَ وَتُوَحِّدَ؟ فقال: أظن أنه واحد، ولو كان هاهنا غير الله لنصرنا، فقال: ألم بأن أَنْ تَعْرِفَ أَنِّي رَسُولُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِي شَكًّا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَسْلِمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَكَ عُمَرُ، فَقَالَ: وَمَاذَا أَصْنَعُ بِالْعُزَّى، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَنَّكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَلَيْسَ الْأَوْلَى أَنْ تَتْرُكَ هَؤُلَاءِ الْأَوْبَاشَ وَتُصَالِحَ قَوْمَكَ وعشيرتك، فسكان مكة عشيرتك وأقارب، وَ [لَا] تَعَرِّضْهُمْ لِلشَّنِّ وَالْغَارَةِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَؤُلَاءِ نَصَرُونِي وَأَعَانُونِي وَذَبُّوا عَنْ حَرِيمِي، وَأَهْلُ مَكَّةَ أَخْرَجُونِي وَظَلَمُونِي، فَإِنْ هُمْ أُسِرُوا فَبِسُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَأَمَرَ الْعَبَّاسَ بِأَنْ يَذْهَبَ بِهِ وَيُوقِفَهُ عَلَى الْمِرْصَادِ لِيُطَالِعَ الْعَسْكَرَ، فَكَانَتِ الْكَتِيبَةُ تَمُرُّ عَلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ الْعَبَّاسُ هُوَ فُلَانٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْجُنْدِ إِلَى أَنْ جَاءَتِ الْكَتِيبَةُ الْخَضْرَاءُ الَّتِي لَا يُرَى مِنْهَا إِلَّا الْحَدَقُ فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ ابْنُ أَخِيكَ مُلْكًا عَظِيمًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: هُوَ النُّبُوَّةُ، فَقَالَ هَيْهَاتَ النُّبُوَّةُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ وَدَخَلَ مَكَّةَ، وَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا جَاءَ بِعَسْكَرٍ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ، فَصَاحَتْ هِنْدٌ وَقَالَتْ: اقْتُلُوا هَذَا الْمُبَشِّرَ، وَأَخَذَتْ بِلِحْيَتِهِ فَصَاحَ الرَّجُلُ وَدَفَعَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو سُفْيَانَ أَذَانَ الْقَوْمِ لِلْفَجْرِ، وَكَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ فَزِعَ لِذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَسَأَلَ الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَلِحْيَتُهُ عَلَى قُرْبُوسِ سَرْجِهِ كَالسَّاجِدِ تَوَاضُعًا وَشُكْرًا، ثُمَّ الْتَمَسَ أَبُو سُفْيَانَ الْأَمَانَ، فَقَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَ: وَمَنْ تَسَعُ دَارِي؟ فَقَالَ: وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَ: وَمَنْ يَسَعُ الْمَسْجِدُ؟
فَقَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، ثُمَّ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ، فَقَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ فَأَعْتَقَهُمْ،
فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَهْلُ مَكَّةَ الطُّلَقَاءَ وَمِنْ ذَلِكَ
كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ: أَنَّى يَسْتَوِي الْمَوْلَى وَالْمُعْتَقُ
يَعْنِي أَعْتَقْنَاكُمْ حِينَ مَكَّنَنَا اللَّهُ مِنْ رِقَابِكُمْ وَلَمْ يَقُلِ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ مُعْتَقُونَ، بَلْ قَالَ: الطُّلَقَاءُ، لِأَنَّ الْمُعْتَقَ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ إِلَى الرِّقِّ، وَالْمُطَلَّقَةُ يَجُوزُ أَنْ تُعَادَ إِلَى رِقِّ النِّكَاحِ وَكَانُوا بَعْدُ عَلَى الْكُفْرِ، فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَخُونُوا فَيُسْتَبَاحَ رِقُّهُمْ مَرَّةً أُخْرَى وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ يَخُصُّ النِّسْوَانَ، وَقَدْ أَلْقَوُا السِّلَاحَ وَأَخَذُوا الْمَسَاكِنَ كَالنِّسْوَانِ، وَلِأَنَّ الْمُعْتَقَ يُخْلَى سَبِيلُهُ يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ، وَالْمُطَلَّقَةُ تَجْلِسُ فِي الْبَيْتِ لِلْعِدَّةِ، وَهُمْ أُمِرُوا بِالْجُلُوسِ بِمَكَّةَ كَالنِّسْوَانِ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ بَايَعُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَصَارُوا يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا،
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ: أَرْبَعَةٌ صَلَاةُ الضُّحَى، وَأَرْبَعَةٌ أُخْرَى شُكْرًا لِلَّهِ نَافِلَةً،
فَهَذِهِ هِيَ/ قِصَّةُ فَتْحِ مَكَّةَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْفَتْحِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ هُوَ فَتْحُ مَكَّةَ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَتْحِ فَتْحُ مَكَّةَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالنَّصْرِ وَقَدْ كَانَ يَجِدُ النَّصْرَ دُونَ الْفَتْحِ كَبَدْرٍ، وَالْفَتْحَ دُونَ النَّصْرِ كَإِجْلَاءِ بَنِي النَّضِيرِ، فَإِنَّهُ فَتَحَ الْبَلَدَ لَكِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْقَوْمَ، أَمَّا يَوْمُ فَتْحِ مكة اجتمع

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 338
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست