responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 330
لَا يَكُونُ الرَّسُولُ رَسُولًا إِلَيْهِمْ فَأَزَالَ الْوَاسِطَةَ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَكُونُونَ مُطِيعِينَ لَا كَافِرِينَ فلذلك ذكره بلفظ الماضي، وأما هاهنا فَهُمْ كَانُوا مَوْصُوفِينَ بِالْكُفْرِ، وَكَانَ الرَّسُولُ رَسُولًا إليهم، فلا جرم قال: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ.
السؤال الثالث: قوله هاهنا: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ خِطَابٌ مَعَ الْكُلِّ أَوْ مَعَ الْبَعْضِ؟ الْجَوَابُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ خِطَابًا مَعَ الْكُلِّ، لِأَنَّ فِي الْكُفَّارِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ خِطَابًا مَعَ الْكُلِّ، لِأَنَّ فِي الْكُفَّارِ مَنْ آمَنَ وَصَارَ بِحَيْثُ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِذَنْ وَجَبَ أَنْ يقال: إن قوله: يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ مَعَ أَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً وَتَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَوْ حَمَلْنَا الْخِطَابَ عَلَى الْعُمُومِ دَخَلَ التَّخْصِيصُ، وَلَوْ حَمَلْنَا عَلَى أَنَّهُ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ لَمْ يَلْزَمْنَا ذَلِكَ، فَكَانَ حَمْلُ الآية على هذا المحمل أولى. أما قوله تعالى:

[سورة الكافرون (109) : الآيات 2 الى 5]
لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)
فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا تِكْرَارَ فِيهَا وَالثَّانِي: أَنَّ فِيهَا تِكْرَارًا أَمَّا الْأَوَّلُ:
فَتَقْرِيرُهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَوَّلَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَالثَّانِيَ لِلْحَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أن الأول للمستقبل أن لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلَى مُضَارِعٍ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ، أَنْ تَرَى أَنَّ لَنْ تَأْكِيدٌ فِيمَا يَنْفِيهِ لَا، وَقَالَ الْخَلِيلُ فِي لَنْ أَصْلُهُ لَا أَنْ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَوْلُهُ: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ أَيْ لَا أَفْعَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا تَطْلُبُونَهُ مِنِّي مِنْ عِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ وَلَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا أَطْلُبُهُ مِنْكُمْ مِنْ عِبَادَةِ إِلَهِي، ثُمَّ قَالَ: وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ أَيْ وَلَسْتُ فِي الْحَالِ بِعَابِدٍ مَعْبُودَكُمْ وَلَا أَنْتُمْ فِي الْحَالِ بِعَابِدِينَ لِمَعْبُودِي الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَقْلِبَ الْأَمْرَ فَتَجْعَلَ الْأَوَّلَ لِلْحَالِ وَالثَّانِيَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ: وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ لِلِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ رُفِعَ لِمَفْهُومِ قَوْلِنَا: أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لِلِاسْتِقْبَالِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنَا قَاتِلٌ زَيْدًا فُهِمَ مِنْهُ الِاسْتِقْبَالُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْلُحُ لِلْحَالِ وَلِلِاسْتِقْبَالِ، وَلَكِنَّا نخص إحداها بِالْحَالِ، وَالثَّانِي بِالِاسْتِقْبَالِ دَفْعًا لِلتِّكْرَارِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ أَخْبَرَ عَنِ الْحَالِ، ثُمَّ عَنِ الِاسْتِقْبَالِ، فَهُوَ التَّرْتِيبُ، وَإِنْ قُلْنَا: أَخْبَرَ أَوَّلًا عَنِ الِاسْتِقْبَالِ، فَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَعَوْهُ إِلَيْهِ، فَهُوَ الْأَهَمُّ فَبَدَأَ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْحَالِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ مَا كَانَ يَعْبُدُ الصَّنَمَ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَكَانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الْحِكَايَةُ عَنْ نَفْسِهِ فَلِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الْجَاهِلُ أَنَّهُ يَعْبُدُهَا سِرًّا خَوْفًا مِنْهَا أَوْ طَمَعًا إِلَيْهَا وَأَمَّا نَفْيُهُ عِبَادَتَهُمْ فَلِأَنَّ فِعْلَ الْكَافِرِ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ أَصْلًا. الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْأَوَّلَيْنِ الْمَعْبُودُ وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَلَا تَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَيْنِ فَمَا مَعَ الْفِعْلِ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ أَيْ لَا أَعْبُدُ عِبَادَتَكُمُ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الشِّرْكَ وَتَرْكِ النَّظَرِ، وَلَا أَنْتُمْ تَعْبُدُونَ عِبَادَتِي

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست