responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 318
طَالِبٍ أَنَّهُ فَسَّرَ هَذَا النَّحْرَ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى النَّحْرِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَادَةُ الْمُسْتَجِيرِ الْعَائِذِ، وَوَضْعُهَا عَلَى النَّحْرِ عَادَةُ الْخَاضِعِ الْخَاشِعِ
وَرَابِعُهَا: قَالَ عَطَاءٌ: مَعْنَاهُ اقْعُدْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَبْدُوَ نَحْرُكَ وَخَامِسُهَا: رُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُمَا قالا: وَانْحَرْ/ مَعْنَاهُ ارْفَعْ يَدَيْكَ عَقِيبَ الدُّعَاءِ إِلَى نَحْرِكَ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَأَصْلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا مِنَ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ الصَّدْرُ يُقَالُ لِمَذْبَحِ الْبَعِيرِ النَّحْرُ لِأَنَّ مَنْحَرَهُ فِي صَدْرِهِ حَيْثُ يَبْدُو الْحُلْقُومُ مِنْ أَعْلَى الصَّدْرِ فَمَعْنَى النَّحْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ إِصَابَةُ النَّحْرِ كَمَا يُقَالُ: رَأْسُهُ وَبَطْنُهُ إِذَا أَصَابَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْفَرَّاءِ إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: النَّحْرُ انْتِصَابُ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ بِإِزَاءِ الْمِحْرَابِ وَهُوَ أَنْ يَنْصِبَ نَحْرَهُ بِإِزَاءِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنَازِلُهُمْ تَتَنَاحَرُ أَيْ تَتَقَابَلُ وَأَنْشَدَ:
أَبَا حَكَمٍ هَلْ أَنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ ... وَسَيِّدُ أَهْلِ الْأَبْطَحِ الْمُتَنَاحِرِ
وَالنُّكْتَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ فِيهِ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ الْكَعْبَةُ بَيْتِي وَهِيَ قِبْلَةُ صَلَاتِكَ وَقَلْبِكَ وَقِبْلَةُ رَحْمَتِي وَنَظَرُ عِنَايَتِي فَلْتَكُنِ الْقِبْلَتَانِ مُتَنَاحِرَتَيْنِ قَالَ: الْأَكْثَرُونَ حَمْلُهُ عَلَى نَحْرِ الْبُدْنِ أَوْلَى لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كُلَّمَا ذَكَرَ الصَّلَاةَ فِي كِتَابِهِ ذَكَرَ الزَّكَاةَ بَعْدَهَا وَثَانِيهَا: أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يُصَلُّونَ وَيَنْحَرُونَ لِلْأَوْثَانِ فَقِيلَ لَهُ: فَصَلٍّ وَانْحَرْ لِرَبِّكَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ آدَابُ الصَّلَاةِ وَأَبْعَاضُهَا فَكَانَتْ دَاخِلَةً تَحْتَ قَوْلِهِ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النَّحْرِ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُعْطَفَ بَعْضُ الشَّيْءِ عَلَى جَمِيعِهِ وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: فَصَلِّ إِشَارَةٌ إِلَى التَّعْظِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: وَانْحَرْ إِشَارَةٌ إِلَى الشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ وَجُمْلَةُ الْعُبُودِيَّةِ لَا تَخْرُجُ عَنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ اسْتِعْمَالَ لَفْظَةِ النَّحْرِ عَلَى نَحْرِ الْبُدْنِ أَشْهَرُ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ اسْتَدَلَّتِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ بِالنَّحْرِ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَهُ، لِأَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِذَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَجَبَ عَلَيْنَا مِثْلُهُ لِقَوْلِهِ: وَاتَّبِعُوهُ [الْأَعْرَافِ: 158] وَلِقَوْلِهِ: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آلِ عِمْرَانَ: 31] وَأَصْحَابُنَا قَالُوا: الْأَمْرُ بِالْمُتَابَعَةِ مَخْصُوصٌ
بِقَوْلِهِ: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمُ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالْوِتْرُ» .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ: فَصَلِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ جِنْسَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيَنْحَرُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ وَلَا يَنْحَرَ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَاحْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ تَأْخِيرَ بَيَانِ الْمُجْمَلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ مَا بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ، أَجَابَ أَبُو مُسْلِمٍ وَقَالَ:
أَرَادَ بِهِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَعْنِي الْخَمْسَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْكَيْفِيَّةَ، لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ كَانَتْ مَعْلُومَةً مِنْ قَبْلُ الْقَوْلُ الثَّانِي:
أَرَادَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَالْأُضْحِيَّةَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ الْأُضْحِيَّةَ عَلَى الصَّلَاةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَطْفَ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ بِالْوَاوِ لَا يُوجِبُ التَّرْتِيبَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ صَلِّ الْفَجْرَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَانْحَرْ بِمِنَى، وَالْأَقْرَبُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِذَا قُرِنَ ذِكْرُ النَّحْرِ بِالصَّلَاةِ أَنْ تُحْمَلَ الصَّلَاةُ عَلَى مَا يَقَعُ يَوْمَ النَّحْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِرَبِّكَ فِيهَا فَوَائِدُ الْفَائِدَةُ الْأُولَى: هَذِهِ اللَّامُ لِلصَّلَاةِ كَالرُّوحِ لِلْبَدَنِ، فَكَمَا أَنَّ الْبَدَنَ مِنَ الْفَرْقِ إِلَى الْقَدَمِ إِنَّمَا يَكُونُ حَسَنًا مَمْدُوحًا إِذَا كَانَ فِيهِ رُوحٌ أَمَّا إِذَا كَانَ مَيِّتًا فَيَكُونُ مَرْمِيًّا، كَذَا الصَّلَاةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَإِنْ حَسُنَتْ فِي الصُّورَةِ وَطَالَتْ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَامُ لِرَبِّكَ كَانَتْ مَيْتَةً مرمية،

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست