responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 258
بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة العاديات
إحدى عشرة آية مكية

[سورة العاديات (100) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (1)
اعْلَمْ أَنَّ الضَّبْحَ أَصْوَاتُ أَنْفَاسِ الْخَيْلِ إِذَا عَدَتْ، وَهُوَ صَوْتٌ لَيْسَ بِصَهِيلٍ وَلَا حَمْحَمَةٍ، وَلَكِنَّهُ صَوْتُ نَفَسٍ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْعَادِيَاتِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْأَوَّلُ: مَا
رُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا الْإِبِلُ،
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالْقُرَظِيِّ
رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي الْحِجْرِ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَسَأَلَنِي عَنِ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَفَسَّرْتُهَا بِالْخَيْلِ فَذَهَبَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ تَحْتَ سِقَايَةِ زَمْزَمَ فَسَأَلَهُ وَذَكَرَ لَهُ مَا قُلْتُ، فَقَالَ: ادْعُهُ لِي فَلَمَّا وَقَفْتُ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَأَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ بَدْرٌ وَمَا كَانَ مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ، فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا الْإِبِلُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، وَمِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى،
يَعْنِي إِبِلَ الْحَاجِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَجَعْتُ عَنْ قَوْلِي إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ» وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا
رَوَى أُبَيٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ مَرْفُوعًا: «مَنْ قَرَأَهَا أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ بَاتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَشَهِدَ جَمْعًا»
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ:
فَالْمُورِياتِ قَدْحاً أَنَّ الْحَوَافِرَ تَرْمِي بِالْحَجَرِ مِنْ شِدَّةِ الْعَدْوِ فَتَضْرِبُ بِهِ حَجَرًا آخَرَ فَتُورِي النَّارَ أَوْ يَكُونُ الْمَعْنَى الَّذِينَ يَرْكَبُونَ الْإِبِلَ وَهُمُ الْحَجِيجُ إِذَا أَوْقَدُوا نِيرَانَهُمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَالْمُغِيراتِ الْإِغَارَةُ سُرْعَةُ السَّيْرِ وَهُمْ يَنْدَفِعُونَ صَبِيحَةَ يَوْمِ النَّحْرِ مُسْرِعِينَ إِلَى مِنًى فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً يَعْنِي غُبَارًا بِالْعَدْوِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ النَّقْعُ مَا بَيْنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً يَعْنِي مُزْدَلِفَةَ لِأَنَّهَا تُسَمَّى الْجَمْعَ لِاجْتِمَاعِ الْحَاجِّ بِهَا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، فَوَجْهُ الْقَسَمِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَنَافِعِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ فِي قَوْلِهِ: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ [الْغَاشِيَةِ: 17] وَثَانِيهَا: كَأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالْآدَمِيِّ الْكَنُودِ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنِّي سَخَّرْتُ مِثْلَ هَذَا لَكَ وَأَنْتَ مُتَمَرِّدٌ عَنْ طَاعَتِي وَثَالِثُهَا: الْغَرَضُ بِذِكْرِ إِبِلِ الْحَجِّ التَّرْغِيبُ فِي الْحَجِّ، كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: جَعَلْتُ ذَلِكَ الْإِبِلَ مُقْسَمًا بِهِ، فَكَيْفَ أضيع/ عملك! وفيه تعريض لمن يرغب الْحَجِّ، فَإِنَّ الْكَنُودَ هُوَ الْكَفُورُ، وَالَّذِي لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ الْوُجُوبِ مَوْصُوفٌ بِذَلِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ إِلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ كَفَرَ آلِ عِمْرَانَ:

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست