responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 88
الزَّكَوَاتُ الْوَاجِبَةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ بِلَامِ التَّمْلِيكِ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَالصَّدَقَةُ الْمَمْلُوكَةُ لَهُمْ لَيْسَتْ إِلَّا الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ، الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ لَيْسَ إِلَّا لِهَؤُلَاءِ الثَّمَانِيَةِ، وَهَذَا الْحَصْرُ إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ حَمَلْنَا هَذِهِ الصَّدَقَاتِ عَلَى الزَّكَوَاتِ الْوَاجِبَةِ، أَمَّا لَوْ أَدْخَلْنَا فِيهَا الْمَنْدُوبَاتِ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْحَصْرُ، لِأَنَّ الصَّدَقَاتِ الْمَنْدُوبَةَ يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، وَالرِّبَاطَاتِ، وَالْمَدَارِسِ، وَتَكْفِينِ/ الْمَوْتَى وَتَجْهِيزِهِمْ وَسَائِرِ الْوُجُوهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ إِنَّمَا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ لَوْ كَانَ قَدْ سَبَقَ بَيَانُ تِلْكَ الصَّدَقَاتِ وَأَقْسَامِهَا حَتَّى يَنْصَرِفَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَيْهِ، وَالصَّدَقَاتُ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا وَتَفْصِيلُهَا هِيَ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ فَوَجَبَ انْصِرَافُ هَذَا الْكَلَامِ إِلَيْهَا.
الْحُكْمُ الثَّانِي دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّكَاةَ يَتَوَلَّى أَخْذَهَا وَتَفْرِقَتَهَا الْإِمَامُ وَمَنْ يَلِي مِنْ قِبَلِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْعَامِلِينَ سَهْمًا فِيهَا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي أَدَاءِ هَذِهِ الزَّكَوَاتِ مِنْ عَامِلٍ وَالْعَامِلُ هُوَ الَّذِي نَصَبَهُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ، فَدَلَّ هَذَا النَّصُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَأْخُذُ هَذِهِ الزَّكَوَاتِ، وَتَأَكَّدَ هَذَا النَّصُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمَالِكَ يَجُوزُ لَهُ إِخْرَاجُ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَمَسَّكَ فِي إِثْبَاتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذَّارِيَاتِ: 19] فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ حَقًّا لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لَهُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ نَصُّ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَهُ فِي مَالِ الزَّكَاةِ حَقٌّ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْإِمَامَ هَلْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ قَالَ: لِأَنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ بِتَقْوِيَتِهِ وَإِمَارَتِهِ، فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْإِمَامُ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ وَقَالَ: الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى حَصْرِ مَالِ الزَّكَاةِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّمَانِيَةِ، وَالْإِمَامُ خَارِجٌ عَنْهُمْ فَلَا يُصْرَفُ هَذَا الْمَالُ إِلَيْهِ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْعَامِلِ إِذَا كَانَ غَنِيًّا هَلْ يَأْخُذُ النَّصِيبَ؟ قَالَ الْحَسَنُ: لَا يَأْخُذُ إِلَّا مَعَ الْحَاجَةِ وَقَالَ الْبَاقُونَ: يَأْخُذُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ أُجْرَةً عَلَى الْعَمَلِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِلْعَامِلِ فِي مَالِ الزَّكَاةِ الثُّمُنُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ فَوَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الثُّمُنُ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِثَمَانِيَةِ أَنْفُسٍ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمُنُهُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: بَلْ حَقُّهُ بِقَدْرِ مُؤْنَتِهِ عِنْدَ الْجِبَايَةِ وَالْجَمْعِ.
الْحُكْمُ الْخَامِسُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ وَضْعُهُ فِي بعض الأصناف فقط؟ وقد سبق ذكر دَلَائِلُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، إِلَّا أَنَّا إِذَا قُلْنَا يَجُوزُ وَضْعُهُ فِي بَعْضِ/ الْأَصْنَافِ فَقَطْ فَهَذَا إنما

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست