responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 77
وَالسَّلَامُ: «لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ»
وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يُؤَدِّي حَقَّ الْجَارِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّه وَقَلِيلٌ مَا هُمْ أَتَدْرُونَ مَا حَقُّ الْجَارِ إِنِ افْتَقَرَ أَغْنَيْتَهُ وَإِنِ اسْتَقْرَضَ أَقْرَضْتَهُ وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْتَهُ وَإِنْ أَصَابَهُ شَرٌّ عَزَّيْتَهُ وَإِنْ مَرِضَ عُدْتَهُ وَإِنْ مَاتَ شَيَّعْتَ جَنَازَتَهُ»
وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى: الْقَرِيبَ النَّسِيبَ، وَبِالْجَارِ الْجُنُبِ: الْجَارَ الْأَجْنَبِيَّ، وَقُرِئَ (وَالْجَارَ ذَا الْقُرْبَى) نَصْبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ، كَمَا قُرِئَ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [الْبَقَرَةِ: 238] تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ حَقِّهِ، لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مُوجِبَانِ.
الْجِوَارُ وَالْقَرَابَةُ.
النَّوْعُ الثَّامِنُ: قَوْلُهُ: وَالْجارِ الْجُنُبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْجُنُبُ نَعْتٌ عَلَى وَزْنِ فُعُلٍ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ ضِدَّ الْقَرَابَةِ وَهُوَ الْبَعِيدُ. يُقَالُ: رَجُلٌ جُنُبٌ إِذَا كَانَ غَرِيبًا مُتَبَاعِدًا عَنْ أَهْلِهِ، وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ الْبَعِيدُ مِنْكَ فِي الْقَرَابَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ [إِبْرَاهِيمَ: 35] أَيْ بَعِّدْنِي، وَالْجَانِبَانِ النَّاحِيَتَانِ لِبُعْدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَمِنْهُ الْجَنَابَةُ مِنَ الْجِمَاعِ لِتَبَاعُدِهِ عَنِ الطَّهَارَةِ وَعَنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ مَا لَمْ يَغْتَسِلْ، وَمِنْهُ أَيْضًا الْجَنْبَانِ لِبُعْدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ. وَرَوَى الْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ: وَالْجارِ الْجُنُبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُرِيدُ بِالْجَنْبِ النَّاحِيَةَ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وَالْجَارِ ذِي الْجُنُبِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومٌ وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ وَصْفًا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ كَرَمٌ وَجُودٌ.
النَّوْعُ التَّاسِعُ: قَوْلُهُ: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَهُوَ الَّذِي صَحِبَكَ بِأَنْ حَصَلَ بِجَنْبِكَ إِمَّا رَفِيقًا فِي/ سَفَرٍ، وَإِمَّا جَارًا مُلَاصِقًا، وَإِمَّا شَرِيكًا فِي تَعَلُّمٍ أَوْ حِرْفَةٍ، وَإِمَّا قَاعِدًا إِلَى جَنْبِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، مِنْ أَدْنَى صُحْبَةٍ الْتَأَمَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَرْعَى ذَلِكَ الْحَقَّ وَلَا تَنْسَاهُ وَتَجْعَلَهُ ذَرِيعَةً إِلَى الْإِحْسَانِ. قيل:
الصاحب بالجنب: الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَكَ وَتَضْجَعُ إِلَى جَنْبِكَ.
النَّوْعُ الْعَاشِرُ: قَوْلُهُ: وَابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِي انْقَطَعَ عَنْ بَلَدِهِ، وَقِيلَ: الضَّيْفُ.
النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ: وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْمَمَالِيكِ طَاعَةٌ عَظِيمَةٌ،
رَوَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: «من ابْتَاعَ شَيْئًا مِنَ الْخَدَمِ فَلَمْ تُوَافِقْ شِيمَتُهُ شِيمَتَهُ فَلْيَبِعْ وَلْيَشْتَرِ حَتَّى تُوَافِقَ شِيمَتُهُ شِيمَتَهُ فَإِنَّ لِلنَّاسِ شِيَمًا وَلَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّه»
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: «الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يَضْرِبُ عَبْدَهُ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ أَعُوذُ باللَّه وَيَسْتَمِعُهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالسَّيِّدُ كَانَ يَزِيدُهُ ضَرْبًا، فَطَلَعَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللَّه فَتَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّه كَانَ أَحَقَّ أَنْ يُجَارَ عَائِذُهُ» قَالَ يَا رَسُولَ اللَّه فَإِنَّهُ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّه، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَقُلْهَا لَدَافَعَ وَجْهُكَ سَفْعَ النَّارِ» .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَيْهِمْ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُكَلِّفَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، وَثَانِيهَا: أَنْ لَا يُؤْذِيهِمْ بِالْكَلَامِ الْخَشِنِ بَلْ يُعَاشِرُهُمْ مُعَاشَرَةً حَسَنَةً، وَثَالِثُهَا: أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ. وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسِيئُونَ إِلَى الْمَمْلُوكِ فَيُكَلِّفُونَ الْإِمَاءَ الْبِغَاءَ، وَهُوَ الْكَسْبُ بِفُرُوجِهِنَّ وَبُضُوعِهِنَّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست