responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 75
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما أَيْ شِقَاقًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهُمَا إِلَّا أَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِهِ: إِنْ يُرِيدا وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: إِنْ يُرِدِ الْحَكَمَانِ خَيْرًا وَإِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ. الثَّانِي: إِنْ يُرِدِ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. الثَّالِثُ: إِنْ يُرِدِ الزَّوْجَانِ إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. الرَّابِعُ: إِنْ يَرِدِ الزَّوْجَانِ إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ حَتَّى يَعْمَلَا بِالصَّلَاحِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَصْلُ التَّوْفِيقِ الْمُوَافَقَةُ، وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَالتَّوْفِيقُ اللُّطْفُ الَّذِي يَتَّفِقُ عِنْدَهُ فِعْلُ الطَّاعَةِ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنَ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّه تَعَالَى، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ نِيَّةُ الْحَكَمَيْنِ إِصْلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْوَعِيدُ لِلزَّوْجَيْنِ وَلِلْحَكَمَيْنِ فِي سُلُوكِ مَا يُخَالِفُ طريق الحق.

[سورة النساء (4) : آية 36]
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (36)
النَّوْعُ التَّاسِعُ: مِنَ التَّكَالِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السورة قوله تعالى:
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَرْشَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَى الْمُعَامَلَةِ الْحَسَنَةِ مَعَ الْآخَرِ وَإِلَى إِزَالَةِ الْخُصُومَةِ وَالْخُشُونَةِ، أَرْشَدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى سَائِرِ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَذَكَرَ مِنْهَا عَشَرَةَ أَنْوَاعٍ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَاعْبُدُوا اللَّهَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَعْنَى وَحِّدُوهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِبَادَةَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ فِعْلٍ وَتَرْكٍ يُؤْتَى بِهِ لِمُجَرَّدِ أَمْرِ اللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَجَمِيعُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالتَّوْحِيدِ، وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي الْعِبَادَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ. [الْبَقَرَةِ: 21] النَّوْعُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْعِبَادَةِ بِقَوْلِهِ: وَاعْبُدُوا اللَّهَ أَمَرَ بِالْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ بِقَوْلِهِ: وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً لِأَنَّ مَنْ عَبَدَ مَعَ اللَّه غَيْرَهُ كَانَ مُشْرِكًا وَلَا يَكُونُ مُخْلِصًا، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الْبَيِّنَةِ: 5] .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً واتفقوا على أن هاهنا مَحْذُوفًا، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَحْسِنُوا بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا كَقَوْلِهِ: فَضَرْبَ الرِّقابِ [مُحَمَّدٍ: 4] أَيْ فَاضْرِبُوهَا، وَيُقَالُ: أَحْسَنْتُ بِفُلَانٍ، وَإِلَى فُلَانٍ.
قَالَ كُثَيِّرٌ:
أَسِيئِي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا مَلُومَةٌ ... لدنيا وَلَا مَقْلِيَةً إِنْ تَقَلَّتِ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست