responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 71
الْأَزْوَاجِ، وَإِلَيْهِمْ الِانْتِسَابُ، فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ.
وَالسَّبَبُ الثَّانِي: لِحُصُولِ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ يَعْنِي الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُعْطِيهَا الْمَهْرَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَسَمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ، فَوَصَفَ الصَّالِحَاتِ مِنْهُنَّ بِأَنَّهُنَّ قانتات حافظات للغيب بما حفظ اللَّه، [في قوله تعالى فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَالصَّوَالِحُ قَوَانِتُ حَوَافِظُ لِلْغَيْبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: قَانِتَاتٌ، أَيْ مُطِيعَاتٌ للَّه، حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ أَيْ قَائِمَاتٌ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ، وَقَدَّمَ قَضَاءَ حَقِّ اللَّه ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ حَقِّ الزَّوْجِ. الثَّانِي: أَنَّ حَالَ الْمَرْأَةِ إِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ عِنْدَ حُضُورِ الزَّوْجِ أَوْ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، أَمَّا حَالُهَا عِنْدَ حُضُورِ الزَّوْجِ فَقَدْ وَصَفَهَا اللَّه بِأَنَّهَا قَانِتَةٌ، وَأَصْلُ الْقُنُوتِ دَوَامُ الطَّاعَةِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُنَّ قَيِّمَاتٌ بِحُقُوقِ/ أَزْوَاجِهِنَّ، وَظَاهِرُ هَذَا إِخْبَارٌ، إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ صَالِحَةً إِلَّا إِذَا كَانَتْ مُطِيعَةً لِزَوْجِهَا، لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْجَمْعِ يُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ تَكُونُ صَالِحَةً، فَهِيَ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ قَانِتَةً مُطِيعَةً. قَالَ الْوَاحِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: لَفْظُ الْقُنُوتِ يُفِيدُ الطَّاعَةَ، وَهُوَ عَامٌّ فِي طَاعَةِ اللَّه وَطَاعَةِ الْأَزْوَاجِ، وَأَمَّا حَالُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غَيْبَةِ الزَّوْجِ فَقَدْ وَصَفَهَا اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَيْبَ خِلَافُ الشَّهَادَةِ، وَالْمَعْنَى كَوْنُهُنَّ حَافِظَاتٍ بِمَوَاجِبِ الْغَيْبِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا تَحْفَظُ نَفْسَهَا عَنِ الزِّنَا لِئَلَّا يَلْحَقَ الزَّوْجَ الْعَارُ بِسَبَبِ زِنَاهَا، وَلِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ الْمُتَكَوِّنُ مِنْ نُطْفَةِ غَيْرِهِ، وَثَانِيهَا: حِفْظُ مَالِهِ عَنِ الضَّيَاعِ، وَثَالِثُهَا: حِفْظُ مَنْزِلِهِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي،
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النِّسَاءِ إِنْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ وَإِنْ أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي مَالِكَ وَنَفْسِهَا» ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: «مَا» فِي قَوْلِهِ: بِما حَفِظَ اللَّهُ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: بِمَا حَفِظَهُ اللَّه لَهُنَّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَحْفَظْنَ حُقُوقَ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَفِظَ اللَّه حُقُوقَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِالْعَدْلِ عَلَيْهِنَّ وَإِمْسَاكِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَإِعْطَائِهِنَّ أُجُورَهُنَّ، فَقَوْلُهُ: بِما حَفِظَ اللَّهُ يَجْرِي مَجْرَى مَا يُقَالُ: هَذَا بِذَاكَ، أَيْ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ ذَاكَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ «مَا» مَصْدَرِيَّةً، وَالتَّقْدِيرُ: بِحِفْظِ اللَّه، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ:
أَنَّهُنَّ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّه إِيَّاهُنَّ، أَيْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُنَّ حِفْظٌ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّه، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى الْفَاعِلِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى: هُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا تَكُونُ حَافِظَةً لِلْغَيْبِ بِسَبَبِ حِفْظِهِنَّ اللَّه أَيْ بِسَبَبِ حِفْظِهِنَّ حُدُودَ اللَّه وَأَوَامِرَهُ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْلَا أَنَّهَا تُحَاوِلُ رِعَايَةَ تَكَالِيفِ اللَّه وَتَجْتَهِدُ فِي حِفْظِ أَوَامِرِهِ لَمَا أَطَاعَتْ زَوْجَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الصَّالِحَاتِ ذَكَرَ بَعْدَهُ غَيْرَ الصَّالِحَاتِ، فَقَالَ: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَوْفَ عِبَارَةٌ عَنْ حَالٍ يَحْصُلُ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ ظَنِّ حُدُوثِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ النُّشُوزُ قَدْ يَكُونُ قَوْلًا، وَقَدْ يَكُونُ فِعْلًا، فَالْقَوْلُ مِثْلَ أَنْ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست