responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 68
الَعَصَبَةُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا هَذَا الْمَعْنَى، وَيُؤَكِّدُهُ مَا
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِلْمَوَالِي الْعَصَبَةِ وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَأَنَا وَلِيُّهُ»
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اقْسِمُوا هَذَا الْمَالَ فَمَا أَبْقَتِ السِّهَامُ فلأولي عصبة ذكر» .
ثم قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: عَقَدَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَبِالتَّخْفِيفِ، وَالْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ وَالتَّخْفِيفِ، وَعَقَدَتْ: أَضَافَتِ الْعَقْدَ إِلَى وَاحِدٍ، وَالِاخْتِيَارُ: عَاقَدَتْ، لِدَلَالَةِ الْمُفَاعَلَةِ عَلَى عَقْدِ الْحَلِفِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأَيْمَانُ. جَمْعُ يَمِينٍ، وَالْيَمِينُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْيَدُ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْقَسَمُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْيَدَ فَفِيهِ مَجَازٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ مُسْنَدَةٌ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ إِلَى الْأَيْدِي، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُسْنَدَةٌ إِلَى الْحَالِفِينَ، وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْمَجَازِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَضْرِبُونَ صَفْقَةَ الْبَيْعِ بِأَيْمَانِهِمْ، وَيَأْخُذُ بَعْضُهُمْ بِيَدِ بَعْضٍ عَلَى الْوَفَاءِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْعَهْدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِي الْمَجَازِ: وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ بِحَلِفِهِمْ أَيْمَانُكُمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ، وَحَسُنَ هَذَا الْحَذْفُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَالَّذِينَ عَاقَدَتْهُمْ، إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ الذِّكْرَ الْعَائِدَ مِنَ الصِّلَةِ إِلَى الْمَوْصُولِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا فَسَّرْنَا الْيَمِينَ بِالْيَدِ. أَمَّا إِذَا فَسَّرْنَاهَا بِالْقَسَمِ وَالْحَلِفِ كَانَتِ الْمُعَاقَدَةُ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ مُضَافَةً إِلَى الْقَسَمِ، وَإِنَّمَا حَسُنَ ذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ الْمُعَاقَدَةِ لَمَّا كَانَ هُوَ الْيَمِينُ حَسُنَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ، وَالْقَوْلُ فِي بَقِيَّةِ الْمَجَازَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ أَمَّا الْقَائِلُونَ بِالنَّسْخِ فَهُمُ الَّذِينَ فَسَّرُوا الْآيَةَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي نَذْكُرُهَا. فَالْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ:
الْحُلَفَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُعَاقِدُ غَيْرَهُ وَيَقُولُ: دَمِي دَمُكَ وَسِلْمِي سِلْمُكَ، وَحَرْبِي حَرْبُكَ، وَتَرِثُنِي وَأَرِثُكَ، وَتَعْقِلُ عَنِّي وَأَعْقِلُ عَنْكَ، فَيَكُونُ لِهَذَا الْحَلِيفِ السُّدْسُ مِنَ الْمِيرَاثِ، فَنُسِخَ ذلك بقوله تعالى:
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الأنفال: 75] وبقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَانَ يَتَّخِذُ إِنْسَانًا أَجْنَبِيًّا ابْنًا لَهُ، وَهُمُ الْمُسَمَّوْنَ بِالْأَدْعِيَاءِ، وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ السَّبَبِ ثُمَّ نُسِخَ. الثَّالِثُ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُثْبِتُ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْمُؤَاخَاةُ سَبَبًا لِلتَّوَارُثِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَلَى كُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ كَانَتِ الْمُعَاقَدَةُ سَبَبًا لِلتَّوَارُثِ بِقَوْلِهِ: فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى نَسَخَ ذَلِكَ بِالْآيَاتِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا.
الْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْآيَةُ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَالْقَائِلُونَ بِذَلِكَ ذَكَرُوا فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ:
تَقْدِيرُ الْآيَةِ: وَلِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ مَوَالِيَ وَرَثَةً فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ، أَيْ فَآتُوا الْمُوَالِيَ وَالْوَرَثَةَ نَصِيبَهُمْ، فقوله: والذين عاقدت أَيْمَانُكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَا تَرَكَ الَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَلَهُ وَارِثٌ هُوَ أَوْلَى بِهِ، وَسَمَّى اللَّه تَعَالَى الْوَارِثَ مَوْلَى. وَالْمَعْنَى لَا

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست