responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 40
الْخِطَابُ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، ثُمَّ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْمَنْفَعَةِ صداقا لوجوه:
الْحُجَّةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ [الْقَصَصِ: 27] جَعَلَ الصَّدَاقَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ وَالْأَصْلُ فِي شَرْعِ مَنْ تَقَدَّمَنَا الْبَقَاءُ إِلَى أَنْ يَطْرَأَ النَّاسِخُ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا،
لَمَّا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا شَيْئًا، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا، قَالَ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ/ الْقُرْآنِ»
واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ لَا يَكُونُ صَدَاقًا لَهَا، لِأَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الْبُضْعِ مَالًا، وَمَا
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا،
فَذَاكَ مِنْ خَوَاصِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: مُحْصِنِينَ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُحْصِنِينَ بِسَبَبِ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْإِحْصَانُ شَرْطًا فِي الْإِحْلَالِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَبْقَى الْآيَةُ عَامَّةً مَعْلُومَةَ الْمَعْنَى، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الثَّانِي تَكُونُ الْآيَةُ مُجْمَلَةً، لِأَنَّ الْإِحْصَانَ الْمَذْكُورَ فِيهِ غَيْرُ مُبَيَّنٍ، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمُجْمَلِ يَكُونُ مُجْمَلًا، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مَعْلُومًا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مُجْمَلًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً.
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الِاسْتِمْتَاعُ فِي اللُّغَةِ الِانْتِفَاعُ، وَكُلُّ مَا انْتُفِعَ بِهِ فَهُوَ مَتَاعٌ، يُقَالُ: اسْتَمْتَعَ الرَّجُلُ بِوَلَدِهِ، وَيُقَالُ فِيمَنْ مَاتَ فِي زَمَانِ شَبَابِهِ: لَمْ يَتَمَتَّعْ بِشَبَابِهِ. قَالَ تَعَالَى: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ [الْأَنْعَامِ: 128] وَقَالَ: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها [الْأَحْقَافِ: 20] يَعْنِي تَعَجَّلْتُمُ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَقَالَ:
فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ [التَّوْبَةِ: 69] يَعْنِي بِحَظِّكُمْ وَنَصِيبِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا. وَفِي قَوْلِهِ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنَ الْمَنْكُوحَاتِ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ عَقْدٍ عَلَيْهِنَّ، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْقَطَ الرَّاجِعَ إِلَى «مَا» لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشُّورَى: 43] فَأُسْقِطَ مِنْهُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ «مَا» فِي قَوْلِهِ: مَا وَراءَ ذلِكُمْ بِمَعْنَى النِّسَاءِ وَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنْهُنَّ لِلتَّبْعِيضِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ:
بِهِ رَاجِعٌ إِلَى لَفْظِ مَا لِأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي اللَّفْظِ، وَفِي قَوْلِهِ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إِلَى مَعْنَى «مَا» لِأَنَّهُ جَمْعٌ فِي الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: أُجُورَهُنَّ أَيْ مُهُورَهُنَّ، قَالَ تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا إِلَى قَوْلِهِ: فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [النِّسَاءِ: 25] وَهِيَ الْمُهُورُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ هاهنا، وقال تعالى في آية أخرى: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الْمُمْتَحَنَةِ: 10] وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمَهْرُ أَجْرًا لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ، وَلَيْسَ بِبَدَلٍ مِنَ الْأَعْيَانِ، كَمَا سُمِّيَ بَدَلُ مَنَافِعِ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ أَجْرًا واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ لَا تُقَرِّرُ الْمَهْرَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقَرِّرُهُ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى قَوْلِهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُشْعِرٌ بِأَنَّ وُجُوبَ إِيتَائِهِنَّ مُهُورَهُنَّ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست