responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 29
عَلَيْهِ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ
شَرَطَ فِي كَوْنِهَا رَبِيبَةً لَهُ، كَوْنَهَا فِي حِجْرِهِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي تَرْبِيَتِهِ وَلَا فِي حِجْرِهِ فَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ، وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ حَسَنٌ. وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي تَرْبِيَتِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ عَلَّقَ رَفْعَ الْجُنَاحِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ الدُّخُولِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِحُصُولِ الْجُنَاحِ هُوَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حُجَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ أَنَّ الْأَعَمَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ بِنْتَ زَوْجَةِ الْإِنْسَانِ تَكُونُ فِي تَرْبِيَتِهِ، فَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى الْأَعَمِّ، لَا أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ شَرْطٌ فِي حُصُولِ هَذَا التَّحْرِيمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَمَسَّكَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ الزِّنَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ قَالَ: لِأَنَّ الدُّخُولَ بِهَا اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْوَطْءِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ نِكَاحًا أَوْ سِفَاحًا، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الزِّنَا بِالْأُمِّ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْبِنْتِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ فِي نِهَايَةِ الضَّعْفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَنْكُوحَةِ لِدَلِيلَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا تَنَاوَلَتِ امْرَأَةً كَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا وَالْمَزْنِيُّ بِهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَيَمْتَنِعُ دُخُولُهَا فِي الْآيَةِ بَيَانُ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ يَقْتَضِي أَنَّ كَوْنَهَا مِنْ نِسَائِهِ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى دُخُولِهِ بِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَسَمَ نِسَاءَهُمْ إِلَى مَنْ تَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا، وَإِلَى مَنْ لَا تَكُونُ كَذَلِكَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَإِذَا كَانَ نِسَاؤُهُمْ مُنْقَسِمَةً إِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَلِمْنَا أَنَّ كَوْنَ الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَائِهِ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِلدُّخُولِ بِهَا، وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ الْمَزْنِيَّةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَذَلِكَ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ صَارَتِ الْمَرْأَةُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ مِنْ نِسَائِهِ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَمَّا فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَالَةٌ أُخْرَى تَقْتَضِي صَيْرُورَتَهَا مِنْ نِسَائِهِ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمَزْنِيَّةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ/ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. الثَّانِي: لَوْ أَوْصَى لِنِسَاءِ فُلَانٍ، لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الزَّانِيَةُ فِيهِنَّ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ، لَا يَحْصُلُ الْحِنْثُ وَالْبِرُّ بِهَذِهِ الزَّانِيَةِ، فَثَبَتَ ضَعْفُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ واللَّه أَعْلَمُ.
النوع الثاني عشر: من المحرمات.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِجَارِيَةِ ابْنِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِنَّهُ يَجُوزُ، احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: جَارِيَةُ الِابْنِ حَلِيلَةٌ، وَحَلِيلَةُ الِابْنِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ، أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فَبَيَانُهَا بِالْبَحْثِ عَنِ الْحَلِيلَةِ فَنَقُولُ: الحليلة فعلية فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَوْ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنَ الْحِلِّ الَّذِي هُوَ الْإِبَاحَةُ، فَالْحَلِيلَةُ تَكُونُ بِمَعْنَى الْمُحَلَّةِ أَيِ الْمُحَلَّلَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ كَذَلِكَ فَوَجَبَ كَوْنُهَا حَلِيلَةً لَهُ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنَ الْحُلُولِ، فَالْحَلِيلَةُ عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ مَحَلَّ الْحُلُولِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ مَوْضِعُ حُلُولِ السَّيِّدِ، فَكَانَتْ حَلِيلَةً لَهُ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا: الْحَلِيلَةُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَيْضًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا لِشِدَّةِ اتِّصَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ كَأَنَّهُمَا يَحِلَّانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَفِي لِحَافٍ وَاحِدٍ وَفِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ كَذَلِكَ. الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنَّهُ حَالٌّ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ وَفِي رُوحِهِ لِشِدَّةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْأُلْفَةِ، فَثَبَتَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ جَارِيَةَ الِابْنِ حَلِيلَةٌ، وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنَّ حَلِيلَةَ الِابْنِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ لَا يُقَالُ: إِنَّ أهل اللغة

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست