responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 27
فِعْلِ الرَّضَاعِ، بَلْ لَوْ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ هُنَّ أُمَّهَاتُكُمْ لَكَانَ مَقْصُودُكُمْ حَاصِلًا.
وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: الرَّضَاعُ هُوَ الَّذِي يَكْسُوهَا سِمَةَ الْأُمُومَةِ، فَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ مُسْتَحَقًّا بِوُجُودِ الرَّضَاعِ كَانَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا بِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي كَسَوْنَكُمْ، لِأَنَّ اسْمَ الْأُمُومَةِ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنَ الْكِسْوَةِ، قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَقَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا بَأْسَ بِالرَّضْعَةِ وَلَا بِالرَّضْعَتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَضَاءُ اللَّه خَيْرٌ مِنْ قَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ اللَّه تَعَالَى:
وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ قَالَ: فَعَقَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ التَّحْرِيمَ بِالرَّضَاعِ الْقَلِيلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ رَكِيكٌ جِدًّا، أَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ اسْمَ الْأُمُومَةِ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ فِعْلِ الرَّضَاعِ فَنَقُولُ: وَهَلِ النِّزَاعُ إِلَّا فِيهِ، فَإِنَّ عِنْدِي أَنَّ اسْمَ الْأُمُومَةِ إِنَّمَا جَاءَ مِنَ الرَّضَاعِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَعِنْدَكَ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ أَصْلِ الرَّضَاعِ، وَأَنْتَ إنما تمسكت بهذه الآية لا ثبات هَذَا الْأَصْلِ، فَإِذَا أَثْبَتَّ التَّمَسُّكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ كُنْتَ قَدْ أَثْبَتَّ الدَّلِيلَ بِالْمَدْلُولِ وَإِنَّهُ دَوْرٌ وَسَاقِطٌ، وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَهِمَ مِنَ الْآيَةِ حُصُولَ التَّحْرِيمِ بِمُجَرَّدِ فِعْلِ الرَّضَاعِ، فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَا فَهِمَهُ/ مِنْهُ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، فَكَيْفَ جُعِلَ فَهْمُ أَحَدِهِمَا حُجَّةً وَلَمْ يُجْعَلْ فَهْمُ الْآخَرِ حُجَّةً عَلَى قَوْلِ خَصْمِهِ. وَلَوْلَا التَّعَصُّبُ الشَّدِيدُ الْمُعْمِي لِلْقَلْبِ لَمَا خَفِيَ ضَعْفُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ أَخَذَ يَتَمَسَّكُ فِي إِثْبَاتِ مَذْهَبِهِ بِالْأَحَادِيثِ وَالْأَقْيِسَةِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَجَبَ أَنْ لَا يَذْكُرَ إِلَّا مَا يَسْتَنْبِطُهُ مِنَ الْآيَةِ، فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَلِيقُ بِكُتُبِ الْفِقْهِ.
النَّوْعُ الْعَاشِرُ: مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأُمَّهَاتُ الْأَصْلِيَّةُ وَجَمِيعُ جَدَّاتِهَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ كَمَا بَيَّنَّا مِثْلَهُ فِي النَّسَبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَزَعَمَ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ
أُمَّ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا تَحْرُمُ بِالدُّخُولِ بِالْبِنْتِ كَمَا أَنَّ الرَّبِيبَةَ إِنَّمَا تَحْرُمُ بِالدُّخُولِ بِأُمِّهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ
وَزَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَجَابِرٍ، وَأَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ حُكْمَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطًا وَهُوَ قَوْلُهُ: مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا فِي الْجُمْلَتَيْنِ مَعًا، وَحُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا وَلَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى عَوْدِ ذَلِكَ الشَّرْطِ إِلَيْهِ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِبَقَائِهِ عَلَى عُمُومِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ عَائِدٍ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْلِيقِهِ بِشَيْءٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ فَإِذَا عَلَّقْنَاهُ بِإِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى تَعْلِيقِهِ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَانَ تَعْلِيقُهُ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ تَرْكًا لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ عُمُومَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَعْلُومٌ، وَعَوْدُ الشرط اليه محتمل، لأنه يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُخْتَصًّا بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى الْجُمْلَتَيْنِ مَعًا، وَالْقَوْلُ بِعَوْدِ هَذَا الشَّرْطِ إِلَى الْجُمْلَتَيْنِ تَرْكٌ لِظَاهِرِ الْعُمُومِ بِمُخَصَّصٍ مَشْكُوكٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّ هَذَا

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 10  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست