responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 42
وَالتَّصْرِيفَاتِ، مَعَ أَنَّ أَوَّلَ أَحْوَالِ تِلْكَ النَّاقِلِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا آحَادًا وَرِوَايَةُ الْآحَادِ لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَأَيْضًا فَتِلْكَ الدَّلَائِلُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ، وَعَدَمِ الْمَجَازِ، وَعَدَمِ النَّقْلِ، وَعَدَمِ الْإِجْمَالِ، وَعَدَمِ التَّخْصِيصِ، وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ الْعَقْلِيِّ، فَإِنَّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِهِ يَجِبُ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَى الْمَجَازِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اعْتِقَادَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ ظَنٌّ مَحْضٌ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الظَّنِّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ظَنًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَبَاحِثِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنَ الصَّوْتِ وَالْحُرُوفِ وَأَحْكَامُهَا، وَفِيهِ مَسَائِلُ
كيفية حدوث الصوت:
المسألة الأولى [كيفية حدوث الصوت] : ذَكَرَ الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا فِي تَعْرِيفِ الصَّوْتِ أَنَّهُ كَيْفِيَّةٌ تَحْدُثُ مِنْ تَمَوُّجِ الْهَوَاءِ الْمُنْضَغِطِ بَيْنَ قَارِعٍ وَمَقْرُوعٍ، وَأَقُولُ: إِنَّ مَاهِيَّةَ الصَّوْتِ مُدْرَكَةٌ بِحِسِّ السَّمْعِ وَلَيْسَ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ أَظْهَرَ مِنَ الْمَحْسُوسِ حَتَّى يَعْرِفَ الْمَحْسُوسَ بِهِ، بَلْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى سَبَبِ حدوثه، لا إلى تعريف ماهيته.
الصوت ليس بجسم:
المسألة الثانية [الصوت ليس بجسم] : يُقَالُ إِنَّ النَّظَّامَ الْمُتَكَلِّمَ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّوْتَ جِسْمٌ، وَأَبْطَلُوهُ بِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ الْأَجْسَامَ مُشْتَرِكَةٌ فِي الْجِسْمِيَّةِ وَغَيْرُ مُشْتَرِكَةٍ فِي الصَّوْتِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْأَجْسَامَ مُبْصَرَةٌ وَمَلْمُوسَةٌ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَلَيْسَ الصَّوْتُ كَذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّ الْجِسْمَ بَاقٍ وَالصَّوْتُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَقُولُ: النَّظَّامُ كَانَ مِنْ أَذْكِيَاءِ النَّاسِ وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ أَنَّ الصَّوْتَ نَفْسُ الْجِسْمِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ سَبَبَ حُدُوثِ الصَّوْتِ تَمَوُّجُ الْهَوَاءِ ظَنَّ الْجُهَّالُ بِهِ أَنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُ عَيْنُ ذَلِكَ الْهَوَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّوْتُ اصْطِكَاكُ الْأَجْسَامِ الصَّلْبَةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الِاصْطِكَاكَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمُمَاسَّةِ وَهِيَ مُبْصَرَةٌ، وَالصَّوْتُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: الصَّوْتُ نَفْسُ الْقَرْعِ أَوِ الْقَلْعِ، وَقِيلَ إِنَّهُ تَمَوُّجُ الْحَرَكَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ مُبْصَرَةٌ، وَالصَّوْتُ غَيْرُ مُبْصَرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قِيلَ سَبَبُهُ الْقَرِيبُ تَمَوُّجُ الْهَوَاءِ، وَلَا نَعْنِي بِالتَّمَوُّجِ حَرَكَةً انْتِقَالِيَّةً مِنْ مَبْدَأٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ إِلَى مُنْتَهًى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، بَلْ حَالَةٌ شَبِيهَةٌ بِتَمَوُّجِ الْهَوَاءِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا لِصَدْمٍ بَعْدَ صَدْمٍ وَسُكُونٍ بَعْدَ سُكُونٍ، وَأَمَّا سَبَبُ التَّمَوُّجِ فَإِمْسَاسٌ عَنِيفٌ، وَهُوَ الْقَرْعُ، أَوْ تَفْرِيقٌ عَنِيفٌ، وَهُوَ الْقَلْعُ، وَيُرْجَعُ فِي تَحْقِيقِ هَذَا إِلَى «كُتُبِنَا العقلية» .
حد الحرف:
المسألة الخامسة [حد الحرف] : قَالَ الشَّيْخُ الرَّئِيسُ فِي حَدِّ الْحَرْفِ: إِنَّهُ هَيْئَةٌ عَارِضَةٌ لِلصَّوْتِ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ صَوْتٍ آخَرَ مِثْلِهِ فِي الْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ تَمَيُّزًا فِي المسموع.

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست