responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 169
الرَّسُولُ، وَالَّتِي أَتَى بِهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هِيَ الصَّلَاةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْفَاتِحَةِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَقِيمُوا الصَّلاةَ أَمْرًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَكَرَّرَتْ فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَاظَبُوا عَلَى قِرَاءَتِهَا طُولَ عُمْرِهِمْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا
رُوِيَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْنَا ذَلِكَ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الراشدين من بَعْدِي» ،
وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» ،
وَالْعَجَبُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَمَسَّكَ فِي مَسْأَلَةِ/ طَلَاقِ الْفَارِّ بِأَثَرِ عُثْمَانَ مَعَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَا يُخَالِفَانِهِ وَنَصُّ الْقُرْآنِ أَيْضًا يُوجِبُ عَدَمَ الْإِرْثِ، فَلِمَ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِعَمَلِ كُلِّ الصَّحَابَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِطْبَاقِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى وَفْقِ الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ وَالْمَعْقُولِ؟.
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الْأُمَّةَ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي أَنَّهُ هَلْ تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا لَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ، فَإِنَّكَ لَا تَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَّا وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّ مَنْ صَلَّى وَلَمْ يَقْرَأِ الْفَاتِحَةَ كَانَ تَارِكًا سَبِيلَ المؤمنين فيدخل تحت قوله: وَمَنْ ... يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً [النِّسَاءِ: 115] فَإِنْ قَالُوا إِنَّ الَّذِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِرَاءَتُهَا قَرَءُوهَا لَا عَلَى اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ، بَلْ عَلَى اعْتِقَادِ النَّدْبِيَّةِ فَلَمْ يَحْصُلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَتِهَا، فَنَقُولُ: أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ غَيْرُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا إِطْبَاقَ الْكُلِّ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْقِرَاءَةِ، فَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِالْقِرَاءَةِ كَانَ تَارِكًا طَرِيقَةَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْعَمَلِ، فَدَخَلَ تَحْتَ الْوَعِيدِ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِينَا فِي الدَّلِيلِ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا فِي تَقْرِيرِ هَذَا الدَّلِيلِ إِلَى ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ فِي اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ.
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ
أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ،
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ بِكَوْنِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا التَّنْصِيفَ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِسَبَبِ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَنَقُولُ: الصَّلَاةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ هَذَا التَّنْصِيفِ، وَهَذَا التَّنْصِيفُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِسَبَبِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَلَازِمُ اللَّازِمِ لَازِمٌ، فَوَجَبَ كَوْنُ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ لَوَازِمِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا اللُّزُومُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِذَا قُلْنَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ.
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ،
قَالُوا: حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ إِلَى حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ صَرْفُهُ إِلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْكَمَالِ، وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ جَاءَ
فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ،
وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَالنَّفْيُ مَا دَخَلَ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ عَلَى حُصُولِهَا لِلرَّجُلِ، وَحُصُولُهَا لِلرَّجُلِ عِبَارَةٌ عَنِ انْتِفَاعِهِ بها، وخروجه عن عهدة للتكليف بِسَبَبِهَا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ إِجْرَاءُ النَّفْيِ عَلَى ظَاهِرِهِ، الثَّانِي: مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ فَعِنْدَ عَدَمِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَا تُوجَدُ مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ يَمْتَنِعُ حُصُولُهَا حَالَ عَدَمِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا/ فَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِدْخَالُ حَرْفِ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست