responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
تَصَرُّفَ الْأَسْمَاءِ، فَأَبْقَوْا كِتَابَتَهُ عَلَى الْأَصْلِ، أَمَّا قَوْلُنَا «الَّذِي» فَهُوَ مَبْنِيٌّ لِأَجْلِ أَنَّهُ نَاقِصٌ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا مَعَ صِلَتِهِ فَهُوَ كَبَعْضِ الْكَلِمَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَعْضَ الْكَلِمَةِ يَكُونُ مَبْنِيًّا، فَأَدْخَلُوا فِيهِ النُّقْصَانَ لِهَذَا السَّبَبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ كَتَبُوا قَوْلَهُمْ: «اللَّذَانِ» بِلَامَيْنِ، لِأَنَّ التَّثْنِيَةَ أَخْرَجَتْهُ عَنْ مُشَابَهَةِ الْحُرُوفِ، فَإِنَّ الْحَرْفَ لَا يُثَنَّى.
الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَنَا: «اللَّهُ» لَوْ كُتِبَ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ لَالْتَبَسَ بِقَوْلِهِ إِلَهٌ، وَهَذَا الِالْتِبَاسُ غَيْرُ حَاصِلٍ فِي قَوْلِنَا الَّذِي.
الثَّالِثُ: أَنَّ تَفْخِيمَ ذِكْرِ اللَّهِ فِي اللَّفْظِ وَاجِبٌ، فَكَذَا فِي الْخَطِّ، وَالْحَذْفُ يُنَافِي التَّفْخِيمَ وَأَمَّا قَوْلُنَا: «الَّذِي» فَلَا تَفْخِيمَ لَهُ فِي الْمَعْنَى فَتَرَكُوا أَيْضًا تَفْخِيمَهُ فِي الْخَطِّ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إِنَّمَا حَذَفُوا الْأَلِفَ قَبْلَ الْهَاءِ مِنْ قَوْلِنَا: «اللَّهُ» فِي الْخَطِّ لِكَرَاهَتِهِمُ اجْتِمَاعَ الْحُرُوفِ الْمُتَشَابِهَةِ بِالصُّورَةِ عِنْدَ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ مِثْلُ كَرَاهَتِهِمُ اجْتِمَاعَ الْحُرُوفِ الْمُتَمَاثِلَةِ فِي اللَّفْظِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالُوا: الْأَصْلُ فِي قَوْلِنَا: «اللَّهُ» الْإِلَهُ، وَهِيَ سِتَّةُ حُرُوفٍ، فَلَمَّا أَبْدَلُوهُ بِقَوْلِهِمُ: «اللَّهُ» بَقِيَتْ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ فِي الْخَطِّ: هَمْزَةٌ، وَلَامَانِ، وَهَاءٌ، فَالْهَمْزَةُ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ وَاللَّامُ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ، وَالْهَاءُ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى حَالَةٍ عَجِيبَةٍ، فَإِنَّ أَقْصَى الْحَلْقِ مَبْدَأُ التَّلَفُّظِ بِالْحُرُوفِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَتَرَقَّى قليلا قَلِيلًا إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى طَرَفِ اللِّسَانِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْهَاءِ الَّذِي هُوَ فِي دَاخِلِ الْحَلْقِ، وَمَحَلُّ الرُّوحِ، فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ يَبْتَدِئُ مِنْ أَوَّلِ حَالَتِهِ الَّتِي هِيَ حَالَةُ النَّكِرَةِ والجهالة، ويترقى قليلا قَلِيلًا فِي مَقَامَاتِ الْعُبُودِيَّةِ، حَتَّى إِذَا وَصَلَ إِلَى آخِرِ مَرَاتِبِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ وَدَخَلَ فِي عَالَمِ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْأَنْوَارِ أَخَذَ يَرْجِعُ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْفَنَاءِ فِي بَحْرِ التَّوْحِيدِ، فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا قِيلَ: النِّهَايَةُ رُجُوعٌ إِلَى الْبِدَايَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إِنَّمَا جَازَ حَذْفُ الْأَلِفِ قَبْلَ النُّونِ مِنْ «الرَّحْمَنِ» فِي الْخَطِّ عَلَى سَبِيلِ التَّخْفِيفِ، وَلَوْ كُتِبَ بِالْأَلِفِ حَسُنَ، وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ الْيَاءِ مِنَ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ حَذْفَ الْأَلِفِ مِنَ الرَّحْمَنِ لَا يُخِلُّ بِالْكَلِمَةِ وَلَا يَحْصُلُ فِيهَا الْتِبَاسٌ، بِخِلَافِ حَذْفِ الْيَاءِ مِنَ الرَّحِيمِ.

الْبَابُ الثَّالِثُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي مَبَاحِثِ الِاسْمِ،
وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْمَبَاحِثِ النَّقْلِيَّةِ بِالِاسْمِ، وَالثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْمَبَاحِثِ الْعَقْلِيَّةِ بِالِاسْمِ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وفيه مسائل: - لغات الاسم:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي هَذَا اللَّفْظِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: هَذَا اسْمُهُ وَسِمُهُ، قَالَ: بِاسْمِ الَّذِي فِي كُلِّ سُورَةٍ سِمُهُ.
وَقِيلَ: فِيهِ لُغَتَانِ غَيْرُهُمَا سِمٌ وَسُمٌ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ تَارَةً إِسْمٌ بِكَسْرِ الْأَلِفِ وَأُخْرَى بِضَمِّهِ، فَإِذَا طَرَحُوا الْأَلِفَ قَالَ الَّذِينَ لُغَتُهُمْ كَسْرُ الْأَلِفِ سِمٌ، وَقَالَ الَّذِينَ لُغَتُهُمْ ضَمُّ الْأَلِفِ سُمٌ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ جَعَلَ أَصْلَهُ مِنْ سَمَا يَسْمَى قَالَ إِسْمٌ وَسِمٌ، وَمَنْ جَعَلَ أَصْلَهُ مِنْ سَمَا يَسْمُو قَالَ أُسْمٌ وَسُمٌ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: سَمِعْتُ

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست