responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 746
{17 - 18} {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} .
وأما ثمود وهم القبيلة المعروفة الذين سكنوا الحجر وحواليه، الذين أرسل الله إليهم صالحًا عليه السلام، يدعوهم إلى توحيد ربهم، وينهاهم عن الشرك وآتاهم الله الناقة، آية عظيمة، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، يشربون لبنها يومًا ويشربون من الماء يومًا، وليسوا ينفقون عليها، بل تأكل من أرض الله، ولهذا قال هنا: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي: -[747]- هداية بيان، وإنما نص عليهم، وإن كان جميع الأمم المهلكة، قد قامت عليهم الحجة، وحصل لهم البيان، لأن آية ثمود، آية باهرة، قد رآها صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وكانت آية مبصرة، فلهذا خصهم بزيادة البيان والهدى.
ولكنهم -من ظلمهم وشرهم- استحبوا العمى -الذي هو الكفر والضلال- على الهدى -الذي هو: العلم والإيمان- {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} لا ظلمًا من الله لهم.
{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} أي نجى الله صالحًا عليه السلام ومن اتبعه من المؤمنين المتقين للشرك، والمعاصي.

{13 - 14} {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} .
أي: فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعد ما بين لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الإله العظيم {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً} أي: عذابًا يستأصلكم ويجتاحكم، {مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} القبيلتين المعروفتين، حيث اجتاحهم العذاب، وحل عليهم، وبيل العقاب، وذلك بظلمهم وكفرهم.
حيث {جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أي: يتبع بعضهم بعضا متوالين، ودعوتهم جميعا واحدة. {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ} أي: يأمرونهم بالإخلاص لله، وينهونهم عن الشرك، فردوا رسالتهم وكذبوهم، {قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنزلَ مَلائِكَةً} أي: وأما أنتم فبشر مثلنا {فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين،] من الأمم [ [1] وهي من أوهى الشُّبَهِ، فإنه ليس من شرط الإرسال، أن يكون المرسل مَلَكًا، وإنما شرط الرسالة، أن يأتي الرسول بما يدل على صدقه، فَلْيَقْدَحُوا، إن استطاعوا بصدقهم، بقادح عقلي أو شرعي، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.

[1] في النسختين (بالأمم) .
{15 - 16} {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} .
هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. {فَأَمَّا عَادٌ} فكانوا -مع كفرهم بالله، وجحدهم بآيات الله، وكفرهم برسله- مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم. {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} قال تعالى ردًا عليهم، بما يعرفه كل أحد: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم الله عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها.
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} أي: ريحًا عظيمة، من قوتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف. فسخرها الله عليهم {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} {نحسات} فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا: {لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الذي اختزوا به وافتضحوا بين الخليقة. {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} أي: لا يمنعون من عذاب الله، ولا ينفعون أنفسهم.
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 746
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست