responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 738
{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} بما قلت لكم {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} بترك اتباع نبي الله موسى عليه السلام.
ثم فسر ذلك فقال: {تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} أنه يستحق أن يعبد من دون الله، والقول على الله بلا علم من أكبر الذنوب وأقبحها، {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ} الذي له القوة كلها، وغيره ليس بيده من الأمر شيء. {الْغَفَّار} الذي يسرف العباد على أنفسهم ويتجرؤون على مساخطه ثم إذا تابوا وأنابوا إليه، كفر عنهم السيئات والذنوب، ودفع موجباتها من العقوبات الدنيوية والأخروية.
{لا جَرَمَ} أي: حقًا يقينًا {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ} أي: لا يستحق من الدعوة إليه، والحث على اللجأ إليه، في الدنيا ولا في الآخرة، لعجزه ونقصه، وأنه لا يملك نفعًا -[739]- ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا.
{وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} تعالى فسيجازي كل عامل بعمله. {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} وهم الذين أسرفوا على أنفسهم بالتجرؤ [1] على ربهم بمعاصيه والكفر به، دون غيرهم.
فلما نصحهم وحذرهم وأنذرهم ولم يطيعوه ولا وافقوه قال لهم:
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} من هذه النصيحة، وسترون مغبة عدم قبولها حين يحل بكم العقاب، وتحرمون جزيل الثواب.
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} أي: ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم. {إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} يعلم أحوالهم وما يستحقون، يعلم حالي وضعفي فيمنعني منكم ويكفيني شركم، ويعلم أحوالكم فلا تتصرفون إلا بإرادته ومشيئته، فإن سلطكم علي، َّ فبحكمة منه تعالى، وعن إرادته ومشيئته صدر ذلك.
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} أي: وقى الله القويّ الرحيم، ذلك الرجل المؤمن الموفق، عقوبات ما مكر فرعون وآله له، من إرادة إهلاكه وإتلافه، لأنه بادأهم بما يكرهون، وأظهر لهم الموافقة التامة لموسى عليه السلام، ودعاهم إلى ما دعاهم إليه موسى، وهذا أمر لا يحتملونه وهم الذين لهم القدرة إذ ذاك، وقد أغضبهم واشتد حنقهم عليه، فأرادوا به كيدًا فحفظه الله من كيدهم ومكرهم وانقلب كيدهم ومكرهم، على أنفسهم، {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} أغرقهم الله تعالى في صبيحة واحدة عن آخرهم.
وفي البرزخ {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فهذه العقوبات الشنيعة، التي تحل بالمكذبين لرسل الله، المعاندين لأمره.

[1] في النسختين (بالتجري) .
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 738
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست