اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 714
{41 - 44} {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} .
أي: {وَاذْكُرْ} في هذا الكتاب ذي الذكر {عَبْدَنَا أَيُّوبَ} بأحسن الذكر، وأثن عليه بأحسن الثناء، حين أصابه الضر، فصبر على ضره، فلم يشتك لغير ربه، ولا لجأ إلا إليه.
فـ {نَادَى رَبَّهُ} داعيا، وإليه لا إلى غيره شاكيا، فقال: رب {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} أي: بأمر مشق متعب معذب، وكان سلط على جسده فنفخ فيه حتى تقرح، ثم تقيح بعد ذلك واشتد به الأمر، وكذلك هلك أهله وماله.
فقيل له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} أي: اضرب الأرض بها، لينبع لك منها عين تغتسل منها وتشرب، فيذهب عنك الضر والأذى، ففعل ذلك، فذهب عنه الضر، وشفاه الله تعالى.
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} .
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} قيل: إن الله تعالى أحياهم له {وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} في الدنيا، وأغناه الله، وأعطاه مالا عظيما {رَحْمَةً مِنَّا} بعبدنا أيوب، حيث صبر فأثبناه من رحمتنا ثوابا عاجلا وآجلا. {وَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ} أي: وليتذكر أولو العقول بحالة أيوب ويعتبروا، فيعلموا أن من صبر على الضر، أن الله تعالى يثيبه ثوابا عاجلا وآجلا ويستجيب دعاءه إذا دعاه.
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} أي حزمة شماريخ {فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}
قال المفسرون: وكان في مرضه وضره، قد غضب على زوجته في بعض الأمور، فحلف: لئن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة، فلما شفاه الله، وكانت امرأته صالحة محسنة إليه، رحمها الله ورحمه، فأفتاه أن يضربها بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة، فيبر في يمينه.
{إِنَّا وَجَدْنَاهُ} أي: أيوب {صَابِرًا} أي: ابتليناه بالضر العظيم، فصبر لوجه الله تعالى. {نِعْمَ الْعَبْدُ} الذي كمل مراتب العبودية، في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء.
{إِنَّهُ أَوَّابٌ} أي: كثير الرجوع إلى الله، في مطالبه الدينية والدنيوية، كثير الذكر لربه والدعاء، والمحبة والتأله.
{45 - 47} {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ} .
يقول تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا} الذين أخلصوا لنا العبادة ذكرا حسنا، {إِبْرَاهِيمَ} الخليل {و} ابنه {إِسْحَاقَ وَ} ابن ابنه {يَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي} أي: القوة على عبادة الله تعالى {وَالأبْصَار} أي: -[715]- البصيرة في دين الله. فوصفهم بالعلم النافع، والعمل الصالح الكثير.
{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ} عظيمة، وخصيصة جسيمة، وهي: {ذِكْرَى الدَّارِ} جعلنا ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، والعمل لها صفوة وقتهم، والإخلاص والمراقبة لله وصفهم الدائم، وجعلناهم ذكرى الدار يتذكر بأحوالهم المتذكر، ويعتبر بهم المعتبر، ويذكرون بأحسن الذكر.
{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} الذين اصطفاهم الله من صفوة خلقه، {الأخْيَارِ} الذين لهم كل خلق كريم، وعمل مستقيم.
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 714