اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 297
{94، 95} {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} .
يقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ} يدعوهم إلى عبادة الله، وينهاهم عن ما هم فيه من الشر، فلم ينقادوا له: إلا ابتلاهم الله {بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} أي: بالفقر والمرض وأنواع البلايا {لَعَلَّهُمْ} إذا أصابتهم، أخضعت نفوسهم فتضرعوا إلى الله واستكانوا للحق.
{ثُمَّ} إذا لم يفد فيهم، واستمر استكبارهم، وازداد طغيانهم.
{بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ} فَأدَرَّ عليهم الأرزاق، وعافى أبدانهم، ورفع عنهم البلاء {حَتَّى عَفَوْا} أي: كثروا، وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة الله وفضله، ونسوا ما مر عليهم من البلاء. {وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ} أي: هذه عادة جارية لم تزل موجودة في الأولين واللاحقين، تارة -[298]- يكونون في سراء وتارة في ضراء، وتارة في فرح، ومرة في ترح، على حسب تقلبات الزمان وتداول الأيام، وحسبوا أنها ليست للموعظة والتذكير، ولا للاستدراج والنكير حتى إذا اغتبطوا، وفرحوا بما أوتوا، وكانت الدنيا، أسر ما كانت إليهم، أخذناهم بالعذاب {بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} أي: لا يخطر لهم الهلاك على بال، وظنوا أنهم قادرون على ما آتاهم الله، وأنهم غير زائلين ولا منتقلين عنه.
اسم الکتاب : تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 297