اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 557
قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ يعني: يا أهل مكة ويقال: هو لجميع الناس إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ويقال: إنه أول نداء نادى به في مكة بهذه الآية. وكان من قبل يدعو واحداً واحداً.
فلما نزلت هذه الآية، أظهر ونادى في الناس: يا أيها الناس أني رسول الله إليكم جميعاً من ذلك الرب الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني: لا خالق ولا رازق في السماء ولا في الأرض إلا هو يُحيِي وَيُمِيتُ يعني: يحي الأموات للبعث، ويميت الأحياء في الدنيا، ويحيي للبعث ثانياً. ويقال: يحيي يعني: يخلق الخلق من النطفة، ويميتهم عند انقضاء آجالهم. فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يعني: يصدق بالله وَكَلِماتِهِ يعني: القرآن قال: السدي وَكَلِمَتُهُ يعني: صدق بأن عيسى صار مخلوقاً بكلمة الله وَاتَّبِعُوهُ يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ من الضلالة.
قوله: وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعني: جماعة يدعون إلى الحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ يعني: وبالحق يعملون. وقال بعضهم: يعني به مؤمني أهل الكتاب وهم عبد الله بن سلام وأصحابه وهذا كما قال في آية أخرى: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ [آل عمران: 113] الآية. وقال بعضهم: هم قوم من وراء الصين من أمة موسى ما وراء رمل عالج. وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم ليلة أُسري به إلى البيت المقدس ومعه جبريل فرفعه إليهم وكلّمهم وكلّموه. فقال لهم جبريل: هل تعرفون من تكلمون؟ قالوا:
لا. قال: فإن هذا محمد النبي الأمي. قال: يا جبريل وقد بعثه الله تعالى؟ قال نعم فآمنوا به وصدّقوه. وقالوا: يا رسول الله أن موسى بن عمران أوصى إلينا أن من أدرك ذلك النبي منكم فليقرأ عليه السلام مني ومنكم ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم على موسى ورد عليهم السلام ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لِي أَرَى بُيُوتَكُمْ مُسْتَوِيَةً» ؟ قالوا: لأنا قوم لا يبغي بعضنا على بعض. قال:
«فما لي لا أرى عليها أبواباً» ؟ قالوا: إنّا لا يضر بعضنا بعضاً. قال: «فَمَا لِي لا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ» ؟ قالوا: ما ضحكنا قط لأن الله تعالى أخبرنا في كتابه أن جهنم عرضها ما بين الخافقين وقعرها الأرض السفلى، وقد أقسم الله تعالى ليملأنها مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ.
قال: «فَهَلْ تَبْكُونَ عَلَى المَيِّتِ» ؟ قالوا: يا رسول الله كيف نبكي على الميت وكلنا ميتون. وهو سبيل لا بد منه. والله أعطانا والله أخذ منا. قال: «فَهَلْ تَمْرَضُونَ» ؟ قالوا: يا رسول الله إنما يمرض أهل الذنوب والخطايا. فأما نحن فمعصومون بدعاء نبي الله موسى- عليه السلام-
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 557