اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 497
ينتظرون؟ فهل ينتظرون إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ لقبض أرواحهم أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ يعني: يأتي أمر ربك بما وعد لهم كقوله: فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا [الحشر: 2] ويقال: أن تأتي عقوبة ربك وعذابه. وقد ذكر المضاف إليه ويراد به المضاف. كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] يعني: أهل القرية. وكقوله: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة: 93] يعني: حب العجل. كذلك هاهنا يأتي أمر ربك يعني: عقوبة ربك وعذاب ربك. ويقال: هذا من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يعني: طلوع الشمس من مغربها يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها حين طلعت الشمس من مغربها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ يعني: أن الكافر إذا آمن في ذلك الوقت لا يقبل إيمانه، لأنها قد ارتفعت المحنة حين عاينوها. وإنما الإيمان بالغيب.
ثم قال: أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يعني: المسلم الذي يعمل في إيمانه خيراً كأن لم يقبل عمله قبل ذلك، فإنه لا يقبل منه بعد ذلك. ومن كان قبل من قبل ذلك فإنه يقبل منه بعد ذلك أيضاً أو كانت النفس مؤمنة ولم تكن كسبت خيراً قبل ذلك الوقت لا ينفعها الخير بعد.
قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد بإسناده عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي قال: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ جاء أعرابي فسأله عن أشياء حتى ذكر التوبة فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لِلتَّوْبَةِ بَابٌ فِي المَغْرِبِ مَسِيرَة سَبْعِينَ عَاماً أَوْ أَرْبَعِينَ عَاماً فلا يَزَالُ حَتَّى يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ» .
قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا السراج. قال: حدثنا زياد بن أيوب عن يزيد بن هارون عن سفيان بن الحسين عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال:
كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حمار وعليه بردعة أو قطيفة فنظر إلى الشمس حين غابت فقال: «يا أبَا ذَرَ هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغِيبُ هذه» ؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنِ حَمِئَةٍ فَتَنْطَلِقُ حَتَّى تَخُرَّ لِرَبِّها سَاجِدَةً تَحْتَ العَرْشِ، فإذَا دَنَا خُرُوجُهَا أُذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ.
فَإِنْ أَرَادَ الله أنْ يُطْلِعَها مِنْ مَغْرِبِهَا حَبَسَها. فَتَقُولُ: يا رَبِّ إنّ مَسِيري بَعِيدٌ. فَيَقُولُ الله تعالى اطْلَعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: لا يقبل الله من كافر عملاً ولا توبة إذا أسلم حين يراها إلا من كان صغيراً يومئذ. فإنّه لو أسلم بعد ذلك قُبِلَ ذلك منه، ومتى كان مؤمناً مذنباً فتاب من الذنب قبلت منه. وروي عن عمران بن حصين أنه قال: إنما لم يقبل وقت الطلوع حتى تكون صيحة فيهلك كثير من الناس. فمن أسلم أو تاب في ذلك الوقت وهلك لم يقبل منه ومن تاب بعد ذلك قبلت منه.
ثم قال: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ يعني: انتظروا العذاب فإنا منتظرون بكم حتى ننظر
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 497