responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث    الجزء : 1  صفحة : 367
البيت، فإن كان الذي قصد كافراً فقد بيّن في آية أخرى أنه لم يقبل منه، وإن لم يذكر هاهنا وهو قوله وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [سورة المائدة: 5] وقال: وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا يعني إذا حللتم من إحرامكم فاصطادوا إن شئتم، فهذه رخصة بلفظ الأمر كقوله فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ [سورة الجمعة: 10] وكقوله وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ [سورة البقرة: 187] الآية. وقال الضحاك وَإِذا حَلَلْتُمْ يعني إذا خرجتم من إحرامكم وخرجتم من حرم الله تعالى وأمنه فاصطادوا. ثم قال: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ يقول: ولا يحملنكم عداوة كفار مكة أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ يعني عام الحديبية أَنْ تَعْتَدُوا على حجاج اليمامة من المشركين فتستحلوا منهم. وفي الآية دليل أن المكافأة لا تجوز من غير جنس الذي فعل به، وتكون تلك المكافأة اعتداء لأن الله تعالى قال: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ يعني بغض قوم وعداوتهم أَنْ تَعْتَدُوا يعني تجاوزوا الحد في المكافأة. قرأ ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر شَنَآنُ بجزم النون. وقرأ الباقون شَنَآنُ بالنصب. وقال القتبي: لا يقال في المصادر فعلان، وإنما يقال ذلك في الصفات مثل عطشان وسكران، وفي المصادر يقال: فعلان مثل طيران ولهفان وشنآن. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو أَنْ صَدُّوكُمْ بكسر الألف على معنى الابتداء. وقرأ الباقون بالنصب على معنى البناء.
ثم قال تعالى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى يعني: تعانوا على أمر الله واعملوا به.
وروى ابن عباس: البرُّ ما أمر الله تعالى به، يعني تحاثُّوا على أمر الله واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله تعالى عنه، وامتنعوا عنه. وهذا موافق لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ» . وقد قيل: الدالُّ على الشر كصانعه. ثم قال: وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ قال القتبي: العدوان على وجهين: عدوان في السبيل كقوله فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ [سورة البقرة: 193] وكقوله فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ [سورة القصص: 28] والثاني عدوان في الظلم كقوله فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [سورة المجادلة: 9] وكقوله وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [سورة المائدة: 2] يعني به حجاج أهل اليمامة، وصارت الآية عامة في جميع الناس. ثم قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ يقول واخشوا الله وأطيعوه فيما يأمركم به إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ إذا عاقب.
قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ يعني حرم عليكم أكل الميتة، والميتة كل ما مات حتف أنفه بغير ذكاة فهو حرام، إلا الجراد والسمك، فقد أباحهما على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «أُحِلَّتْ لَنَا السَّمَكُ والجَرَادُ وَالكَبِدُ وَالطِّحَالُ» [1] ثم قال وَالدَّمُ يعني حرم عليكم أكل الدم وشربه، وهو الدم المسفوح كما قال في آية أخرى إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً

[1] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم الحديث (5727) ج 2/ 415 بلفظ: «أحلت لنا ميتتان ودمان. فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال» .
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست