اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 168
وروي في بعض الأخبار أن موسى بن عمران- عليه السلام- حين رفع إلى السماء، سأل بعض الملائكة أينام ربنا؟ وقال بعضهم: خطر ذلك بقلبه، ولم يتكلم به فأمره الله تعالى أن يأخذ زجاجتين، وأمره بأن يحفظهما، ثم ألقى عليه النوم فلم يملك نفسه حتى نام، فانكسرت الزجاجتان في يده فقال له: يا موسى لو كان لي نوم، لهلكت السموات والأرض أسرع من كسر الزجاجتين في يدك فذلك قوله تعالى: لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ.
لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. كلهم عبيده وإماؤه وهو مستغن عن الشريك، ويقال: معناه أن كل ما فى السموات والارض يدل على وحدانيته. مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ، يقول: من ذا الذي يجترئ أن يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ دون أمره، رداً لقولهم حيث قالوا: هم شفعاؤنا عند الله. وفي الآية دليل على إثبات الشفاعة لأنه قال: إِلَّا بِإِذْنِهِ ففيه دليل على أن الشفاعة قد تكون بإذنه للأنبياء والصالحين.
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يعني الله لا إله إلا هو الحي القيوم، هو الذي يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من أمر الدنيا، يعني يعلم أن الأصنام لا يدعون الألوهية. وَما خَلْفَهُمْ، يعني يعلم أنه لا شفاعة لهم. وقال مقاتل: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، يعني ما كان قبل خلق الملائكة وَما خَلْفَهُمْ، أي ما يكون بعد خلقهم. وقال الزجاج: يعني يعلم الغيب الذي تقدمهم والغيب الذي يأتي من بعدهم. وقال الكلبي: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ من أمر الآخرة وَمَا خَلْفَهُمْ من أمر الدنيا.
ثم قال: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ، يعني الملائكة لا يعلمون الغيب، لأن بعض الناس يعبدون الملائكة ويرجون شفاعتهم. فأخبر أنهم لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يعلمون مما تقدمهم ولا مما بعدهم، إلا بما أنبأهم الله تعالى. ويقال: لا يدركون جميع علمه. والإحاطة في اللغة: إدراك الشيء بكماله إِلَّا بِما شاءَ فيعلمهم.
ثم أخبر عن عظمته فقال تعالى: إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، أي ملأ كرسيه السموات والأرض.
وروي عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: السموات السبع والأرضون السبع تحت جنب الكرسي كحلقة بأرض فلاة. وهكذا قال الكلبي ومقاتل: وقال بعضهم: الكرسي هو المكان الذي خلق الله فيه السَّموات والأرض. وقال بعضهم: الكرسي والعرش واحد، ولكنه مرة ذكر بلفظ العرش ومرة ذكر بلفظ الكرسي. وقال بعضهم: الكرسي غير العرش.
قال الفقيه: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدّثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضيل قال: حدّثنا أبو مطيع، عن حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة- وهو
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 168