responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 492
بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" أنكم إن استخلفتكم في أرضي سبّحتموني وقدستموني، وإن استخلفت فيها غيرَكم عَصَاني ذُريته وأفسدوا وسفكوا الدماء. فلما اتضح لهم موضع خطأ قيلهم، وبدت لهم هَفوة زَلتهم، أنابوا إلى الله بالتوبة فقالوا:"سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"، فسارعوا الرجعة من الهفوة، وبادروا الإنابة من الزلة، كما قال نوح - حين عوتب في مَسئلته فقيل له: لا تسأَلْنِ ما ليس لك به علم [1] -: (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة هود: 47] . وكذلك فعلُ كل مسدَّد للحق موفَّق له - سريعة إلى الحق إنابته، قريبة إليه أوْبته.
وقد زعم بعض نحويّي أهل البصرة أنّ قوله:"أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين"، لم يكن ذلك لأن الملائكة ادّعوا شيئا، إنما أخبر الله عن جهلهم بعلم الغيب، وعلمه بذلك وفضله، فقال:"أنبئوني إن كنتم صادقين" - كما يقول الرجل للرجل:"أنبئني بهذا إن كنت تعلم". وهو يعلم أنه لا يعلم، يريد أنه جاهلٌ.
وهذا قول إذا تدبره متدبر، علم أن بعضَه مُفسدٌ بعضًا. وذلك أن قائله زعم أن الله جل ثناؤه قال للملائكة - إذ عرَض عليهم أهل الأسماء -: أنبئوني بأسماء هؤلاء، وهو يعلم أنهم لا يعلمون، ولا هم ادّعوا علم شيء يوجب أن يُوبَّخوا بهذا القول.
وزعم أن قوله:"إن كنتم صادقين" نظير قول الرجل للرجل:"أنبئني بهذا إن كنت تعلم". وهو يعلم أنه لا يعلم، يريد أنه جاهل.
ولا شك أن معنى قوله:"إن كنتم صادقين" إنما هو: إن كنتم صادقين، إمّا في قولكم، وإما في فعلكم. لأن الصّدق في كلام العرب، إنما هو صدق في الخبر لا في

[1] في المطبوعة هنا أيضًا: "فلا تسألن".
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست