اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 440
ثم قال: ومعناها: وذلك لامهاه لذكره - وببيت عبد مناف بن رِبْع الهُذَليِّ:
حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ ... شَلا كَمَا تَطْرُدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا (1)
وقال: معناه، حتى أسلكوهم.
قال أبو جعفر: والأمر في ذلك بخلاف ما قال: وذلك أن"إذ" حرف يأتي بمعنى الجزاء، ويدل على مجهول من الوقت. وغيرُ جائز إبطال حرف كان دليلا على معنى في الكلام. إذْ سواءٌ قيلُ قائل: هو بمعنى التطوُّل، وهو في الكلام دليل على معنى مفهوم - وقيلُ آخرَ، في جميع الكلام الذي نطق به دليلا على ما أريد به: وهو بمعنى التطوُّل [2] .
(1) ديوان الهذليين 2: 42، ويأتي في تفسير الطبري 14: 8، 18: 13، 24: 25 (طبعة بولاق) والخزانة 3: 170 - 174، وأمالى ابن الشجري 1: 358، 2: 289، وكثير غيرها. وسلك الرجل الطريق، وسلكه غيره فيه، وأسلكه الطريق: أدخله فيه أو اضطره إليه. وقتائدة: جبل بين المنصرف والروحاء، أي في الطريق بين مكة والمدينة. وشل السائق الإبل: طردها أمامه طردًا. ومر فلان يشل العدو بالسيف: يطردهم طردًا يفرون أمامه. والجمالة: أصحاب الجمال. وشرد البعير فهو شارد وشرود: نفر وذهب في الأرض، وجمع شارد شرد (بفتحتين) مثل خادم وخدم. وجمع شرود شرد (بضمتين) . ويذكر عبد مناف قومًا أغاروا على عدو لهم، فأزعجوهم عن منازلهم، واضطروهم إلى"قتائدة" يطردونهم بالسيوف والرماح والنبال، كما تطرد الإبل الشوارد. وجواب"إذا" تقديره: شلوهم شلا، فعل محذوف دل عليه المصدر، كما سيأتي في كلام الطبري بعد. [2] في المخطوطة: "هو بمعنى التطول في الكلام". وهو خطأ. والتطول، في اصطلاح الطبري وغيره: الزيادة في الكلام بمعنى الإلغاء، كما مضى آنفًا في ص 140 من بولاق، وأراد الطبري أن ينفي ما لج فيه بعض النحاة من ادعاء اللغو والزيادة في الكلام، فهو يقول: إذا كان للحرف أو الكلمة معنى مفهوم في الكلام، ثم ادعيت أنه زيادة ملغاة، فجائز لغيرك أن يدعي أن جملة كاملة مفهومة المعنى، أو كلامًا كاملا مفهوم المعنى - إنما هي زيادة ملغاة أيضًا. وبذلك يبطل كل معنى لكل كلام، إذ يجوز لمدع أن يبطل منه ما يشاء بما يهوى من الجرأة والادعاء. وهذا تأييد لمذهبنا الذي ارتضيناه في التعليق السالف.
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 440