اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 366
477- حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس:"الذي جعل لكم الأرض فراشًا"، أي مهادًا.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}
قال أبو جعفر: وإنما سُميت السماءُ سماءً لعلوها على الأرض وعلى سُكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخرَ فهو لما تحته سَمَاءٌ. ولذلك قيل لسقف البيت: سَمَاوةٌ [1] ، لأنه فوقه مرتفعٌ عليه. ولذلك قيل: سَمَا فلان لفلان، إذا أشرف له وقَصَد نحوه عاليًا عليه، كما قال الفرزدق:
سَمَوْنَا لِنَجْرَانَ الْيَمَانِي وَأَهْلِهِ ... وَنَجْرَانُ أَرْضٌ لَمْ تُدَيَّثْ مَقَاوِلُهْ (2)
وكما قال نابغة بني ذُبيانَ:
سَمَتْ لِي نَظْرَةٌ، فَرَأيتُ مِنْهَا ... تُحَيْتَ الْخِدْرِ وَاضِعَةَ الْقِرَامِ (3)
يريد بذلك: أشرفتْ لي نظرةٌ وبدت، فكذلك السماء سُميت للأرض: سماءً، لعلوها وإشرافها عليها. [1] في المطبوعة"سماؤه"، وكلتاهما صواب، سماء البيت، وسماوته: سقفه.
(2) ديوانه: 735، والنقائض: 600. ونجران: أرض في مخاليف اليمن من ناحية مكة. وذكر نجران، على لفظه وأصل معناه، والنجران في كلام العرب: الخشبة التي يدور عليها رتاج الباب. وديث البعير: ذلله بعض الذل حتى تذهب صعوبته. والمقاول: جمع مقول. والمقول والقيل: الملك من ملوك حمير. يقول: هي أرض عز عزيز، لم يلق ملوكها ضيما يذلهم ويحني هاماتهم.
(3) ديوانه: 86، وروايته: "صفحت بنظرة". وقوله"صفحت"، أي تصفحت الوجوه بنظرة، أو رميت بنظرة متصفحًا. والقرام: ستر رقيق فيه رقم ونقوش. والخدر: خشبات تنصب فوق قتب البعير مستورة بثوب، وهو الهودج. ووضع الشيء: ألقاه. وتحيت: تصغير"تحت"، وصغر"تحت"، لأنه أراد أن ستر الخدر بعد وضع القرام لا يبدى منها إلا قليلا، وهذا البيت متعلق بما قبله وما بعده. وقبله: فَلَوْ كَانَتْ غَدَاةَ الْبَيْنِ مَنَّتْ ... وَقَدْ رَفَعُوا الْخُدُورَ عَلَى الْخِيَامِ
صَفَحْتُ بنظرةٍ. . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَرَائِبَ يستضئُ الحليُ فيها ... كَجمْرِ النارِ بُذِّرَ فِي الظَّلامِ
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 366