responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 320
ثم حذف أسماء الأفعال وإضافة المثَل والتشبيه إلى الذين لهم الفعل. فيقال: ما أفعالكم إلا كفِعل الكلب، ثم يحذف فيقال: ما أفعالكم إلا كالكلب أو كالكلاب، - وأنت تعني: إلا كفعل الكلب، وإلا كفعل الكلاب. ولم يَجُزْ أن تقول: ما هم إلا نخلة، وأنت تريد تشبيه أجسامهم بالنخل في الطُّول والتمام.
وأما قوله: (اسْتَوْقَدَ نَارًا) ، فإنه في تأويل: أوقدَ، كما قال الشاعر:
وَدَاعٍ دَعَا: يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى ... فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ (1)
يريد: فلم يُجبه. فكان معنى الكلام إذًا: مَثلُ استضاءة هؤلاء المنافقين - في إظهارهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بألسنتهم، من قولهم: آمنَّا بالله وباليوم الآخر، وصدَّقنا بمحمد وبما جاء به، وهم للكفر مستبطنون - فيما الله فاعل بهم [2] مثل استضاءة موقِد نارٍ بناره، حتى أضاءت له النارُ ما حوله، يعني: ما حول المستوقِدِ.
وقد زعم بعضُ أهل العربية من أهل البصرة: أن"الذي" في قوله:"كمثل الذي اسْتَوْقَدَ نَارًا" بمعنى الذين، كما قال جل ثناؤه: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [سورة الزمر: 33] ، وكما قال الشاعر:
فَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ (3)
قال أبو جعفر: والقول الأول هو القول، لما وصفنا من العِلة. وقد أغفل قائل

(1) الشعر لكعب بن سعد الغنوي. الأصمعيات: 14، وأمالي القالي 2: 151، وهي من حسان قصائد الرثاء.
[2] سياق عبارته: "مثل استضاءة هؤلاء. . . فيما الله فاعل بهم، مثل استضاءة. . ".
(3) الشعر للأشهب بن رميلة. الخزانة 2: 507 - 508، والبيان 4: 55، وسيبويه 1: 96، والمؤتلف والمختلف للآمدي: 33، وذكر البغدادي أن أبا تمام أنشد البيت في أبيات لحريث بن محفض، في كتابه"مختار أشعار القبائل". وروايته: "وإن الألى". ولا شاهد فيه. وهم يقولون إن النون حذفت من"الذين"، فصارت"الذي" لطول الكلام وللتخفيف، وهي بمعنى الجمع لا المفرد. وفلج: واد بين البصرة وحمى ضرية، كانت فيه هذه الوقعة التي ذكرها.
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست