اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 258
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}
قال أبو جعفر: وأصلُ الختم: الطَّبْع. والخاتَم هو الطَّابع. يقال منه: ختمتُ الكتابَ، إذا طبَعْتَه.
فإن قال لنا قائل: وكيف يختِمُ على القلوبِ، وإنما الختمُ طبعٌ على الأوعية والظروف والغلف [1] ؟
قيل: فإن قلوبَ العباد أوعيةٌ لما أُودِعت من العلوم، وظروفٌ لما جُعل فيها من المعارف بالأمور [2] . فمعنى الختم عليها وعلى الأسماع - التي بها تُدرَك المسموعات، ومن قِبَلها يوصَل إلى معرفة حقائق الأنباء عن المُغَيَّبات - نظيرُ معنى الختم على سائر الأوعية والظروف.
فإن قال: فهل لذلك من صفةٍ تصفُها لنا فنفهمَها؟ أهي مثل الختم الذي يُعْرَف لما ظَهَر للأبصار، أم هي بخلاف ذلك؟
قيل: قد اختلف أهل التأويل في صفة ذلك، وسنخبر بصفته بعد ذكرنا قولهم:
300- فحدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرَّمْلي، قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، قال: أرانا مُجاهدٌ بيَدِه فقال: كانوا يُرَوْنَ أنّ القلبَ في مثل هذا - يعني الكفَّ - فإذا أذنبَ العبد ذنبًا ضُمّ منه - وقال بإصبعِه الخنصر هكذا [3] - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى - فإذا أذنب ضُمَّ - وقال بإصبع أخرى هكذا، حتى ضم أصابعَه كلَّها، قال: ثم يُطبع عليه بطابَعٍ. قال [1] الغلف جمع غلاف: وهو الصوان الذي يشتمل على ما أوعيت فيه. [2] في المخطوطة: "من المعارف بالعلوم". [3] قال بإصبعه: أشار بإصبعه.
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 258