اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 120
عليكما"، أنه أراد: ثم السلام عليكما، وادِّعائه أن إدخال الاسم في ذلك وإضافتَه إلى السلام إنما جاز، إذْ كان اسم المسمَّى هو المسمَّى بعينه.
ويُسأل القائلون قولَ من حكينا قولَه هذا، فيقال لهم: أتستجيزون في العربية أن يقال: "أكلتُ اسمَ العسل"، يعني بذلك: أكلت العسل، كما جاز عندكم: اسم السلام عليك، وأنتم تريدون: السلامُ عليك؟
فإن قالوا: نعم! خرجوا من لسان العرب، وأجازوا في لغتها ما تخطِّئه جميع العرب في لغتها. وإن قالوا: لا سئلوا الفرقَ بينهما: فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا أُلزموا في الآخر مثله.
فإن قال لنا قائل: فما معنى قول لبيد هذا عندك؟
قيل له: يحتمل ذلك وجهين، كلاهما غير الذي قاله من حكينا قوله.
أحدُهما: أن "السلام" اسمٌ من أسماء الله، فجائز أن يكون لبيد عنَى بقوله: "ثم اسم السلام عليكما"، ثم الزما اسمَ الله وذكرَه بعد ذلك، وَدَعَا ذكري والبكاءَ عليّ؛ على وجه الإغراء. فرفعَ الاسم، إذْ أخّر الحرفَ الذي يأتي بمعنى الإغراء. [1] وقد تفعَلُ العرب ذلك، إذا أخّرت الإغراء وقدمت المُغْرَى به، وإن كانت قد تنصبُ به وهو مؤخَّر. ومن ذلك قول الشاعر:
يَا أَيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا! ... إني رأيتُ النَّاس يَحْمدُونَكا! (2)
فأغرَى ب "دونك"، وهي مؤخرة، وإنما معناه: دونَك دلوي. فذلك قول لبيد:
* إلى الحوْلِ، ثمَّ اسمُ السَّلامُ عَلَيْكُمَا *
يعني: عليكما اسمَ السلام، أي: الزما ذكر الله ودعا ذكري والوجدَ بي، لأن من بكى حَوْلا على امرئ ميّت فقد اعتذر. فهذا أحد وجهيه. [1] في المطبوعة: "إذا وأخر". وقوله "فرفع الاسم"، يعني ما في قول لبيد "ثم اسم"، وكان حقه أن ينصب على الإغراء لو قال: "ثم عليكما اسم السلام" بتقديم الإغراء.
(2) هذا رجز في خبر طويل، الخزانة 3: 17 قيل هزءًا برجل ألقوه في بئر ثم رجزوا به. والمائح: هو الرجل الذي ينزل إلى قرار البئر إذا قل ماؤها، فيلقي الدلاء فيملؤها بيده ويميح لأصحابه.
اسم الکتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ت شاكر المؤلف : الطبري، أبو جعفر الجزء : 1 صفحة : 120