responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 473
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة [2] : آية 172]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ أي: ما أخلصناه لكم من الشّبه، ولا تعرضوا لما فيه دنس- كما أحلّه المشركون من المحرّمات- ولا تحرّموا ما أحلّوا منها من السائبة وما معها وَاشْكُرُوا لِلَّهِ- الذي رزقكم هذه النعم- إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ- أي: وحده- تَعْبُدُونَ أي: إن صحّ أنكم تخصونه بالعبادة، وتقرّون أنه سبحانه هو المنعم لا غير.
قال الإمام ابن تيمية في (جواب أهل الإيمان) : الطيبات التي أباحها هي المطاعم النافعة للعقول والأخلاق. والخبائث هي الضارة في العقول والأخلاق. كما أن الخمر أم الخبائث لأنها تفسد العقول والأخلاق. فأباح الله الطيبات للمتّقين التي يستعينون بها على عبادة ربهم التي خلقوا لها. وحرّم عليهم الخبائث التي تضرّهم في المقصود الذي خلقوا له. وأمرهم- مع أكلها- بالشكر، ونهاهم عن تحريمها.
فمن أكلها ولم يشكر ترك ما أمر الله به واستحقّ العقوبة. ومن حرّمها- كالرهبان- فقد تعدّى حدود الله فاستحق العقوبة.
وفي الحديث الصحيح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها» [1] .
وفي حديث آخر: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر» [2] .
وقال تعالى لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر: 8] . أي: عن شكره، فإنّه لا يبيح شيئا ويعاقب من فعله، ولكن يسأله عن الواجب الذي أوجبه معه. وعمّا حرّمه عليه، هل فرّط بترك مأمور أو فعل محظور؟ كما قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [المائدة: 87] .
ولمّا قيّد تعالى الإذن لهم بالطيب من الرزق، افتقر الأمر إلى بيان الخبيث منه

[1] أخرجه مسلم في: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث 89 عن أنس بن مالك.
[2] أخرجه البخاريّ في: الأطعمة، 56- باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر.
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست