responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 415
من الظلمات، بما بلغكم من وحيه وأراكم من آياته. فعظمت المنة لله عليكم إذ أصبحتم مهتدين بعد الضلالة، علماء بعد الجهالة. ففيه إشارة إلى تحذير المؤمنين من أن يزيغوا بعد الهدى، كما زاغ أولئك الذين نعى عليهم ضلالتهم، فتقوم عليهم الحجة كما قامت على أولئك.
(الوجه الثاني) أن تكون اللام للتعليل، على أصلها. والمعنى: جعلناكم أمة خيارا لتكونوا شهداء على الناس، أي رقباء قوّاما عليهم بدعائهم إلى الحق وإرشادهم إلى الهدى وإنذارهم مما هم فيه من الزيغ والضلال. كما كان الرسول شهيدا عليكم بقيامه عليكم بما بلغكم وأمركم ونهاكم وحذركم وأنذركم. فتكون الآية نظير آية كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران: 110] ، وربما آثر هذا المعنى من قال: خير ما فسّر القرآن بالقرآن. لتماثل الآيتين بادئ بدء. فإن الوسط بمعنى الخيار. وقد صرح به في قوله خَيْرَ أُمَّةٍ وإلى هذا المعنى يشير قول مجاهد في الآية: لتكونوا شهداء لمحمد عليه السّلام على الأمم اليهود والنصارى والمجوس: أي شهداء على حقية رسالته. وذلك بالدعوة إليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو قطب الدعوة وروحها.
وبعد كتابة هذا رأيت السمرقنديّ في تفسيره نقل خلاصة ما قلناه. وعبارته:
وللآية تأويل آخر وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً أي عدولا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ إلخ يقول: إنكم حجة على جميع من خالفكم. ورسول الله عليه السلام حجة عليكم. والشهادة في اللغة هو البيان. ولهذا سمي الشاهد بينة لأنه يبيّن حق المدعي. يعني إنكم تبينون لمن بعدكم، والنبيّ، عليه السلام، يبين لكم. انتهى.
وأوضح ذلك الراغب الأصفهاني: بأسلوب آخر فقال: إن قيل: على أي وجه شهادة النبي صلّى الله عليه وسلّم على الأمة وشهادة الأمة على الناس؟ قيل: الشاهد هو العالم بالشيء المخبر عنه مثبتا حكمه. وأعظم شاهد من ثبت شهادته بحجة. ولما خص الله تعالى الإنسان بالعقل والتمييز بين الخير والشر، وكمله ببعثة الأنبياء، وخصّ هذه الأمة بأتم كتاب، كما وصفه بقوله ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 38] ، وقوله وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89] ، فأفادناه عليه السلام وبينه لنا- صار حجة وشاهدا أن يقولوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ [المائدة: 19] .
وجعل أمته، المتخصصة بمعرفته، شهودا على سائر الناس. (إن قيل) هل أمته شهود كلهم أم بعضهم؟ (قيل) كلهم ممكن من أن يكونوا شهداء. وذلك بشريطة أن

اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست