اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 388
الإيمان به بأن من أوتي الكتاب فتلاه حق تلاوته فذاك المؤمن به. والمذكورون ممن لم يتله حق تلاوته، لما عدّد من مساوئ اليهود أولا، وشفعه بدعوى النصارى اتخاذ الولد. ومن كان يعتقد ذلك فإنّى له الإيمان؟ وهل هو ممن يتلو الكتاب حق تلاوته؟
وكتابه بأمر بتوحيد ربه والمشي مع شريعته وتصديق كل نبيّ يصدق ما معهم، وقد كفروا بكل ذلك. فجملة يَتْلُونَهُ حال مقدرة من «هم» أو من الْكِتابَ. وجوّز أن تكون الآية سيقت مدحا لمن آمن من أهل الكتاب بالقرآن. فالضمير في يَتْلُونَهُ للقرآن. فتكون كآية الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [القصص: 52- 54] ، وكآية قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا، إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً [الإسراء: 107] .
ومن تلاوته حق تلاوته الإيمان بأنه حق من ربهم، وصبرهم ودرؤهم بالحسنة السيئة، وإنفاقهم وسجودهم له تعالى فالآيتان مفسرتان لتلاوتهم حق تلاوته.
وعن ابن مسعود: والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحلّ حلاله ويحرم حرمه، ويقرأه كما أنزل الله، ولا يحرّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله. ومثله عن ابن عباس.
وقوله تعالى أُولئِكَ إشارة إلى الموصوفين بإيتاء الكتاب وتلاوته كما هو حقه يُؤْمِنُونَ بِهِ محط الفائدة ما يلزم الإيمان به من الربح. بقرينة قوله وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ حيث اشتروا الضلالة بالهدى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : الآيات 122 الى 123]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ.
وَاتَّقُوا أي خافوا يَوْماً لا تَجْزِي أي لا تغني نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ فيه شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ أي فداء وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي يمنعون من عذاب الله. وقد مر نظير الآيتين في صدر السورة.
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 388