اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 35
وإنما كان الأولى، في رواية الإسرائيليات، ما ذكرنا دفعا لمناقشة بعضهم على الإسرائيليات المتداولة في التفاسير بأنها لم ترو في كتب الحديث المشهورة حتى تكون المرجع، ولم تؤخذ من أسفارهم حتى تتطابق معها، فارتأى النقل عنها لذلك، لا اعتقادا بسلامتها من التحريف المحقق، كلا. بل توسعا في باب الأخبار للاستشهاد والاعتبار. قياما بالحجة على الخصم من معتقده، وناهيك بذلك.
قال ابن حزم في كتاب الملل والنحل، بعد ما أوضح البراهين العديدة على تحريفهم وتبديلهم: إن الله تعالى كما أطلق أيديهم في تبديل ما شاء رفعه من ذينك الكتابين، كفّ أيديهم عما شاء إبقاءه من ذينك الكتابين، حجة عليهم.
وممن كان يرى جواز النقل عن كتبهم، من قدماء الشافعية، الإمام الماورديّ.
كما تراه في مواضع من كتابه «أعلام النبوة» .
وممن حقق هذا البحث الإمام برهان الدين البقاعيّ، ثم الدمشقي، في تفسيره «المناسبات» الذي قال عنه شيخ الإسلام القاضي زكريا: «ما ألف نظيره وجدير بأن يكتب بماء الذهب» كما حكاه عنه تلميذه الإمام الهيتميّ في آخر فتاويه الحديثية.
وهاك ما قاله البقاعيّ، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [البقرة: 34] ، ما نصه: فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة أو بالإنجيل، وعمي عن أن الأحسن في باب النظر أن يرد على الإنسان بما يعتقده، تلوت عليه قول الله تعالى استشهادا على كذب اليهود قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [آل عمران: 93] ، وقوله تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً [المائدة: 48] في آيات من أمثال ذلك كثيرة.
وذكرته باستشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة في قصة الزاني «1» .
وروى الشيخان «2» عن
(1)
أخرجه البخاريّ في التفسير سورة آل عمران باب قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا.
فقال لهم: كيف تفعلون بمن زنى منكم؟ قالوا نحممهما ونضربهما. فقال: لا تجدون في التوراة الرجم؟ فقالوا: لا نجد فيها شيئا. فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين. فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم. فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها. ولا يقرأ آية الرجم. فنزع يده عن آية الرجم، فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آية الرجم. فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد. فرأيت صاحبها يجنأ عليها يقيها الحجارة
. (2)
أخرجه البخاريّ، في الرقاق، باب يقبض الله الأرض: عن أبي سعيد الخدريّ: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 35