اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 612
وقوله: (وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ)، وفيه دلالة فضل العلوي على السفلي؛ لأن ما ينزل من السماء من الماء ينزل عذبًا، وما يخرج من الأرض يخرج مختلفًا: منه ما هو عذب ومنه ما هو أجاج، ومنه ما هو مر. فدل ذا على فضل العلوي على السفلي.
وقوله: (فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، قد ذكرنا هذا أن فيه دلالة البعث.
وقوله: (وَبَثَّ فِيهَا)، قيل: خلق.
وقيل: بسط.
وقيل: فرق.
(مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ).
قيل: جعل فيها من كل جوهر الدابة.
منها: ما جعل مأكولًا منتفعًا بها من كل أنواع المنافع؛ ليدلهم وليرغبهم على ما وعد لهم في الجنة.
ومنها: ما جعل غير مأكولة ولا منتفع بها، بل جعلها أعداء لهم ليدلهم على تحذير ما أوعدوا وحذروا في النار.
وقوله: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) يحتمل وجهين: يحتمل: تصرفها مرة للعذاب، ومرة للمنافع؛ لأنه جعل فيها منافع كثيرة للخلق: بها تجري السفن في البحار، وبها تنشر السحاب في الهواء، وبها تنتفي الأشياء، وبها يتميز ما للخلق مما للدواب مما يكثر ذلك. ثم يعلم من عظم لطفه أنه جعل الهواء بحال لا يقر فيها شيء وإن لطف، والسحاب مع غلظه وكثافته جعل الهواء مع لطافتها ورقتها مقرًّا للسحاب حتى يعلم أن ليس لغير اللَّه فيه تدبير.
ويحتمل: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) صرفه إياها مرة صباء، ومرة دبورا، ومرة جنوبًا ومرة نسيمًا، ومرة يمينا، ومرة شمالا للمنافع.
ثم فيه دلالة أنها من الأجسام، لا من الأعراض؛ لأنه جل وعز جعلها ماسة مانعة لا صارعة من قام في ناحيتها، وذلك صفة الأجسام، لا صفة الأعراض، لكن لا ترى للطافتها؛ فدل أنها من الأجسام ما لا يرى ولا يمس، كالهواء لا يرى ولا يمس وهو من الأجسام، وكالذرة التي في الشمس ترى ولا تمس.
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 612