responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 589
إلا أن يقال: كره كراهة الطبع والنفس، وأما كراهة الاختبار، فلا يحتمل.
ويقال: إنه كان حبب إليه الصلاة حتى لا يصبر عنها، وقد نهى عن الصلاة إلى بيت المقدس، ولم يؤمر بعد بالتوجه إلى غيرها، فكان تقلب وجهه إلى السماء رجاء أن يؤمر بالتوجه إلى غيرها، أو أن يقال: " قبلة ترضاها "؛ لأنها كانت قبلة الأنبياء من قبل، فلا شك أنه كان يرضاها. وهذا جائز في الكلام. يقول الرجل لآخر: أعطيك شيئا ترضاه، وإن لم يظهر منه الكراهية في ذلك، ولا التردد.
وقوله: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
وقد ذكرنا القول في القبلة، والاختلاف فيه فيما تقدم.
وقوله: (وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ).
يحتمل قوله: (أَنَّهُ الْحَقُّ) على وجهين:
أحدهما: أي علموا أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حق، لكنهم يعاندون ويتبعون هواهم.
والثاني: أي علموا بما بُين له في كتبهم أن محمدًا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأنه حق.
وقوله: (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
وهو على ما ذكرنا أنه على الوعيد والتهديد. واللَّه أعلم.

وقوله: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ (145)
في قوم علم اللَّه أنهم لا يؤمنون ولا يتابعون محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في قبلته حيث آيسه عن متابعتهم إياه؛ لأنها لو كانت في أهل الكتاب كلهم لكان لهم الاحتجاج على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ودعوى الكذب عليه؛ لأن من أهل الكتاب من قد آمن. فدل أنهم لم يفهموا من عموم اللفظ عموم المراد، ولكن فهموا من عموم اللفظ خصوصًا. وكان ظاهرًا في أهل الإسلام وأهل الكفر جميعًا المعنى الذي وصفنا لك. فظهر أنه لا يجوز أن يفهم من مخرج عموم اللفظ عموم المراد.
وفيه دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه في موضع الإخبار بالإياس عن الاتباع له.
ولا يوصل إلى مثله إلا بالوحي عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وفيه أن كثرة الآيات وعظمها في نفسها لا يعجز المعاند عن اتباع هواه والاعتقاد لما يخالف هواه.
(وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ).

اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 589
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست